تعظيم سلام.. تنكيس سلاح - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 12:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تعظيم سلام.. تنكيس سلاح

نشر فى : الأحد 10 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 10 فبراير 2013 - 8:00 ص

• تحية كبيرة، صادقة، نابعة من العقل والقلب، للقناة التليفزيونية المصرية، المستقلة، التى صورت ما جرى للمواطن القاهرى، ابن الصعيد، حمادة صابر، الذى عروه وسحلوه، وشارك فى البطش به، بلا رجمة، دستة عساكر أشداء، مدججين، بالهراوات، والخوزات، وأحدهم يركله بقدمه، وأخذ ينزع منه بنطاله المهترئ، وحتى بعد أن يتمدد المواطن، مغشيا عليه، مستسلما تماما، يأتى عسكرى مسرعا، مثل الضبع المندفع نحو فريسة يلتهمها الضباع، ليشارك فى الحفل المشين، فى مشهد لا نراه إلا فى «عالم الحيوان» أو «دنيا الغابات».. هؤلاء الوحوش الضوارى، ماتت فى ضمائرهم النخوة، وبالتالى.. يليق توديعها بتنكيس السلاح.

 

• تعظيم سلام للمذيعين الذين وقفوا، بشجاعة، ضد تلك الممارسة المشينة، وإصرارهم على متابعة الحدث، والتعرف على محيط الرجل الضحية، فلولاهم، لما اطلعنا على جوهر المرأة المصرية الذى يتجاوز صلابة الفولاذ.. فها هى شقيقته، بلهجتها الصعيدية الآسرة، تدين، بلا تردد، ما فعله الجلادون بأخيها، الذى جرجروه عاريا تماما. وفى جملة موجزة، نابعة من عمق الثقافة المصرية، الإنسانية، لا يصوغها إلا شاعر عظيم، تقول «الله يجازى من كشف ستره».. وفى مسلك عفوى صادق، لا يتأتى إلا من مخرج موهوب، ترد على الأراجيف المتعلقة بضبط أسلحة مع المقهور، بأن تمسك ببعض الأدوات التى يستخدمها كعامل محارة، معلنة «هذا هو سلاحه الوحيد».. هذه السيدة الفقيرة، العظيمة، تعتبر نموذجا رفيعا لتقديس العمل والمحبة الخالصة، والقوة الروحية لا يوازيها إلا ابنة الرجل التى جاء صوتها، تليفونيا، وهى تقول لوالدها ــ وقد أدركت مأزقه فى مستشفى الشرطة ــ ما تخافش يابا.. ما تخافش».

 

• تنكيس سلاح للموت الضميرى الذى تمثل فى ذلك المذيع السمج، حين أخذ يسخر ويعاتب القنوات التليفزيونية التى اهتمت بموضوع «حمادة صابر». والأدهى أن هذا المذيع، ثقيل الظل، يعمل فى قناة دينية.

 

• تعظيم سلام لفيلم بولندى قصير، لا يتجاوز الدقيقتين، نال جائزة رفيعة فى مهرجان ليبزج منذ عدة عقود، يقدم رجلا فى شارع يخلو من العابرين، ينقضّ عليه ثلاثة من رجال الشرطة، يكبلون يديه وقدميه بالحبال، ويهددونه بالمزيد من التنكيل.. الرجل يجأر بالصراخ، يعود أحد العساكر ليفك وثاق يديه. يهلل الرجل ويتقافز صائحا «لقد أصبحت حرا»، ونسى أنه مكبل القدمين، كما نسى أن الأصل هو حرية المواطن.. كذلك الحال بالنسبة للمصرى المسحول فبعد إهانته، ذهبوا به إلى المستشفى، والواضح أنه تعرض للترهيب والترغيب، فإما المزيد من القهر أو الحصول على عمل، وفى نوبة من وهن يستحق الشفقة، اختار الطريق الثانى ــ مؤقتا ــ وقد نسى أن مبادئ حقوق الإنسان تتضمن «حق العمل لكل مواطن».

 

• تحية واجبة لمن استقال من مجلس الشورى احتجاجا على ما جرى، وإدانة واجبة لرئىس المجلس الذى انتفض غضبا من «نيللى» وهى تقدم استعراضا مبهجا فى فيلم يعرض على شاشة طائرة.. ولم نسمع له حسا، أو يرمش له جفن، بعد أن شاهد التنكيل بمواطن، فهو يرى أن وجه وذراع نيللى حرام.. وكشف عورة رجل حلال.

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات