قطعة أدبية ثمينة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قطعة أدبية ثمينة

نشر فى : الأربعاء 9 نوفمبر 2011 - 9:15 ص | آخر تحديث : الأربعاء 9 نوفمبر 2011 - 9:15 ص

الصفحات المشرقة التى كتبتها باث دييجو، النابعة من عقل مرهف وقلب يقظ، والتى جمع فيها بين الحكمة والحماس، فسرت لى ذلك السحر المتوفر فى الفيلم المكسيكى «بداية ونهاية» الذى حققه أرتورو ريبيستين 1993، ونجح نجاحا هائلا فى كل مكان عرض فيه، وفاز بالجائزة الأولى فى مهرجان سان سباستيان بإسبانيا.. بعد سبع سنوات من صنع الفيلم، وفى إطار احتفال مهرجان أبوظبى بمئوية كاتبنا الكبير، تستحضر باث دييجو، التى أعدت «بداية ونهاية» للسينما تجربتها مع الرواية، ومع نجيب محفوظ، ومع مدينة القاهرة.

 

كيف ترى الكاتبة حكائها الذى هامت به. تجيب دييجو أنها تحس بأن الروائى يكتب لها شخصيا وبكلماتها «حين أفكر بمحفوظ، انما أفكر به بحميمية قلبية. حميمية الجار العجوز، العم، الشاهد على سيرتى، سيرتى وسيرة الكثير من الناس».. تعرفت كاتبة السيناريو على أدب محفوظ خلال قراءتها لـ«زقاق المدق»، وهى العمل الوحيد الذى كان متوفرا فى المكسيك. سافرت إلى أمريكا وعادت حاملة معها معظم رواياته. رتبتها بجوار مقعد القراءة، وأخذت فى التهامها، واحدة تلو  أخرى، حتى وصلت إلى «بداية ونهاية» حيث شعرت أن «عنوانها مريع»، وتواصل «كانت رواية طويلة، وطويلة جدا. تبدأ، مثل الأفلام السينمائية المكسيكية القديمة الجيدة، بموت الأب، ومن هذه اللحظة سوف تجرى وتتواقع حيول الإخوة الأربعة ــ ثلاثة إخوة وأخت ــ مع حظهم السيىء وقدرهم المحتوم». وتعترف «حين انتهيت من قراءتها خرجت خائفة ومنومة وهائمة.. خائفة لأننى منذ سنوات لم أبك وأنا اقرأ.. ومع ذلك ــ فى هذه المرة ــ تورمت عيناى من البكاء». فورا، اتخذت قرارا بتحويلها إلى سيناريو. وفى عدة فقرات طريفة دقيقة، تحكى عن قلقها من حقوق المؤلف، خاصة فى هذه الحالة، حيث أصبح محفوظ شعبيا، عالميا، عقب حصوله على جائزة نوبل.. لكن فوجئت أن عمها نجيب رجل محب وكريم وبسيط ومتواضع، وأنه ضعيف نحو المكسيك التى «يشعر بها بلدا شقيقا لبلده، موازيا له فيما وراء الأطلسى، كلاهما جافان، كلاهما يملكان أهرامات، ولأن محفوظ يحب السينما، وعمل فى مجالها طويلا، كان متسامحا، وبالتالى جاءت حقوقه بمبلغ ليس باهظا.

 

بصدق جميل، تقول باث دييجو، أنها لم تجد صعوبة فى مكسكة الرواية، فمدينة القاهرة، تتطابق فى الكثير من ملامحها مع المكسيك، حيث أزقة وسطهما، وأحيائهما الملهمة، وصخبهما المسائى، وحبهما للشرفات، بل تمتد لتشمل أنماط ساكنيها، خاصة عائلات الطبقة الوسطى، المهددة بالفقر.. وهنا، تتحدث عن نزعة التوحش  التى من الممكن أن تنتاب العائلة التى يداهمها الفقر فيأكل بعضها بعضا «وتصير العائلة أكلة لحوم بعض أفراخها. إنها البداية والنهاية».

 

لا تفاضل دييجو بين «بداية ونهاية» الذى أخرجه زوجها أرتوروريبستين، و«بداية ونهاية» الذى حققه صلاح أبوسيف «1960»، ولكنها، باسلوبها الأدبى الشفاف، تعبر عن تفهمها لتفاصيله، برغم أنه من دون ترجمة.. فحين تعيد حكاية محلية للعم محفوظ، فإن أغوارها تلامس البشر فى كل مكان، حتى لو حكيتها خلال وسيط غير الكتابة.. هكذا تحدثت ابنة نجيب.. المكسيكية.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات