جاتسى العظيم - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 8:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جاتسى العظيم

نشر فى : الثلاثاء 9 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 9 أبريل 2013 - 8:00 ص

شىء ما ساحر فى هذه الرواية التى كتبها فرانسيس سكوت ميتزجيرالد، جعلها لا تحظى بمكانة رفيعة فى عالم الأدب وحسب، بل يمتد ألقها إلى عالم الأطياف، وتتجاوز منشأها الأصلى تغدو محورا للكثير من أفلام سينمات العالم، بما فى ذلك السينما المصرية التى اعتمدت عليها فى «الرغبة» لمحمد خان 1979، بسيناريو لبشير الديك. وبرغم أن «الرغبة» لا يوضع فى صدارة أعمال المخرج الكبير، فإن ثمة لحظات إبداعية متميزة، من نور الشريف، حين يجسد، بملامح وجهه، إحساس الرجل القوى، الناجح، الذى يضنيه حب ضائع، لم ولن يتحقق. كذلك الحال بالنسبة لمديحة كامل، بنظراتها المعبرة عن حيرة امرأة بين الواجب والعاطفة.. أحداث القصة، تدور حول ذلك الشاب الذى رفضت حبيبته الاقتران به، بسبب مستواه المالى المتواضع. يختفى الشاب ليعود بعد سنوات، ثريا، وجيها، يمتزج عنده الشغف باستعادة الحبيبة التى تزوجت، مع الرغبة فى الانتقام، منها، ومن المجتمع الذى أنكره فى يوم ما.. وفيما يبدو أن هذه «الثيمة» أو «الفكرة»، تلبى حاجة نفسانية عند قطاعات واسعة من الناس، فى معظم المجتمعات، حيث يشعر المرء، فى جانب من قلبه، بأمنية أن يغدو علما، يشار له بالبنان، بعد أن كان نكرة، يستخف به حتى أقرب المقربين.

 

فى هوليوود، عايشت «جاتسى العظيم» تطورات صناعة السينما، فحين كانت صامتة، حققها هربرت برتون 1926، ببطولة اثنين من أساطين السينما الصامتة: وارنر باكستر وتيدا بارا، وبينما فقد هذا الفيلم المبكر، كان طول البقاء للفيلم الذى جاء بعد أن نطقت السينما، بتوقيع إليوت نجنن 1949، ومنح دور «جاتسى» لأفضل من يؤدى شخصية الرجل الوحيد، القوى، الحزين: آلان لاد.. أمام الفاتنة، بيتى فيلد، التى تجمع بين الغواية والبراءة.

 

منذ صدور الرواية 1925، لم تتوقف الدراسات النقدية لأسلوب ميتزجيرالد، وكيفية تغيره، على نحو هادئ، عن صخب «عالم الجاز»، ورصده المرهف لواقع الحلم الأمريكى، بثرائه المادى، وخوائه الروحى، وتحطم العلاقات الإنسانية على صخرة المال، فضلا عن الأصوات المتنوعة المتصاعدة من نثره البالغ الثراء.. وفيما يبدو أن المخرج الشهير، فرانسيس فورد كوبولا، أحب الرواية، والتزم بروحها وتفاصيلها، فحولها إلى سيناريو، قام بإخراجه، على نحو بديع، جاك كلايتون 1974، وأسند للنجم الأنيق، روبرت ردفورد، دور «جاتسى»، المعزول وراء نافذة فيلته، يراقب، باستعلاء وأسى، تزاحم من يوصفوا بعلية المجتمع، البالغو التأنق، على موائد طعامه الممتدة.. وها هو يبحث، بعيون كليلة، عن حبيبة أيام العوز، ديزى، التى جسدت تمزقاتها العاطفية، الموهوبة بقوة، مايا فارو.

 

حديثا، وليس أخيرا، يأتى صاحب الأفلام المبهرة: «روميو وجوليت» 1996، «الطاحونة الحمرا» 2001، «استراليا» 2008، بأسلوبه الاستعراضى، الغنائى، ليعيد تقديم الرواية، ببطولة «تيدا بارا»، بملامحها المرهفة، فى دور «ديزى»، والأهم، «ليوناردو دى كابريو» بوجهه الذى يجمع بين صرامة تبلغ حد الشراسة، ورقة، تبلغ حد الوداعة.. مخرج الفيلم الجديد، باز لورمان، يحقق «جاتسى العظيم» بطريقة الـ3D، وكأن الرواية، بعنفوانها، تصر على حضورها، مع كل إنجاز، فى صناعة السينما.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات