متواليات : رجب وصاحبه - يوسف زيدان - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 8:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

متواليات : رجب وصاحبه

نشر فى : الإثنين 9 مارس 2009 - 3:14 م | آخر تحديث : الإثنين 9 مارس 2009 - 3:15 م

 تناقلت وسائل الإعلام طيلة الأسابيع الماضية، أخبار رئيس الوزراء التركى، رجب طيب أردوغان الذى ندَّد بعدوان إسرائيل على غزة، بقوة أشد مما ندد بها الحكام العرب. ولأن التنديد صار مطلبا شعبيا عاما فى بلاد المسلمين، فقد صار له درجات ومراتب معلومة، فهذا تنديد واضح، وذاك شديد اللهجة، وذلك غير كاف لجلال الحدث المراد التنديد به.. وهكذا ! وقد كان تنديد رجب أردوغان من النوع المرضى للناس، أعنى (النوع شديد اللهجة) فصار الرجل مميزا.

ثم صار رجب أردوغان بطلا، حين أراد منظمو منتدى دافوس الاقتصادى أن يعقدوا صلحا (حوارا، تفاهما، تهدئة) بين رئيس الوزراء المميز، والشخصية الإسرائيلية المميزة أيضا: شيمون بيريز (وهو فى الأصل أستاذ للفلسفة، ورئيس سابق لوزراء إسرائيل) ولكى يضمن منظمو المنتدى التوصل لغايتهم، دعوا الشخصية العربية المميزة، أيضا، عمرو موسى (أمين عام الجامعة العربية) ومن العجب العجاب أنه استجاب وجلس على المنصة المكشوفة أمام الجمهور، على صف واحد مع شيمون ورجب اللذين استجابا للدعوة.. ولما أعطى مدير الجلسة وقتا أطول لشيمون، غضب رجب وانسحب.

هاجت بواطن الناس بالفرحة برجب وتصدرت أخباره وسائل الإعلام التى صورت نزوله الظافر من الطائرة حيث استقبله ببلاده مئات الفرحين (الله تعالى يقول فى قرآنه إنه لا يحب الفرحين).. وبعد أيام انتشر خبران: الأول يقول إن هناك دعوات جماعية تنادى برجب أردوغان خليفة للمسلمين! والخبر الآخر يقول إن أنصار رجب أردوغان فى تركيا تناقلوا أغنية هيفاء وهبى وجعلوها رنَّات لتليفوناتهم المحمولة! أعنى الأغنية التى تقول ما نصه: رجب حوش صاحبك عنى، رجب صاحبك جنِّنى (أى أصابنى بالجنون).

وهكذا صار رجب فى وعى الناس غير الواعين، هو (المخلِّص المنتظر) الذى تحدثنا عن فكرته الوهمية الهائلة فى مقال الأسبوع الماضى، وذكرنا أصولها وتطورها ابتداء من اليهود القدامى مرورا بديانة المسيح ثم بالإسلام الشيعى والسنى.. ولا شك فى أن (صاحب رجب) يجنن، وقد كاد يصيبنى بجنون سوداوى قبل أسابيع حين ذكر فى مقابلة تليفزيونية، أن المستشفيات الإسرائيلية تعالج الجرحى الفلسطينيين والمصابين فى القصف الإسرائيلى على غزة.. لا شك إذن، فى أن صاحب رجب يجنن بهدوئه ومنطقه العجيب! ولكن الشك، كل الشك، فى قدرة رجب على أن (يحوش) صاحبه. فلا رجب ولا غيره قادر على هذا، لسبب بسيط واضح، هو أنه لا رجب ولا غيره يفعل أكثر من الكلام وإظهار الغضب.. ومن وراء ذلك، تطل حقائق لا سبيل لإنكارها، منها أن تركيا هى أكثر بلدان المنطقة تعاونا عسكريا مع إسرائيل، وأن (خليفة المسلمين) أمنية عبيطة للبسطاء، لم يعد من الممكن تحقيقها، وأن إسرائيل كانت ترد على صواريخ حماس، وأننا جميعا - يهود ومسيحيين ومسلمين - ننتمى إلى بنية فكرية ودينية واحدة، ليس بمقدور أحد أن (يحوش) فيها طرفا عن طرف.. وأخيرا، أن فكرة المخلِّص خلصت صلاحيتها منذ زمن بعيد، وأنتم لا تشعرون !

يوسف زيدان كاتب وروائي مصري
التعليقات