رجل يعشق الحياة.. والفن - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رجل يعشق الحياة.. والفن

نشر فى : السبت 9 يناير 2010 - 9:31 ص | آخر تحديث : السبت 9 يناير 2010 - 9:31 ص

 عرفته قبل أن يعرفنى.. رأيته لأول مرة، منذ نصف قرن، بجريدة المساء، فى مكتب رجل أغدق علينا العطايا، اسمه عبدالفتاح الجمل، فتح صفحات الأدب والفن أمام زملاء جيلى.. وطبعا، لم يكن فوزى سليمان من الكتاب الجدد. كنا، نحن، فى البدايات، بينما هو أثبت حضوره منذ سنوات طويلة. بدا لى أنه شديد التعجل، يتكلم ويتحرك بسرعة فائقة. وضع حقيبته الجلدية المنتفخة على مكتب عبدالفتاح الجمل القديم، المهترئ الخشب، المنزوى فى زاوية من صالة التحرير المليئة بالمكاتب، الخالية من الصحفيين. فتح حقيبته وأخرج عدة أوراق، وقبل أن يسلمها ويمضى، قال له عبدالفتاح: انتظر، أريد خبرا أو تعليقا فى ثمانية أسطر كى أستكمل هذا الجزء من الصفحة، وأشار إلى مساحة بيضاء على «الماكيت» الذى أمامه. بلا تردد، بل بحماس، سحب فوزى حقيبته وانتحى عند أحد المكاتب. كتب المطلوب فى دقائق قليلة وعاد ليسلم الورقة لعبدالفتاح، وغادر فورا.

لاحقا، فى معارض الفنون التشكيلية، والندوات الأدبية، وبروفات المسرحيات، وحفلات الموسيقى، وفى عروض نوادى السينما، يطالعنى فوزى سليمان، حتى إنى تخيلت أن ثمة عدة نسخ منه، تنتشر فى أماكن ثقافية متباعدة، فى وقت واحد. وكل نسخة تتطابق مع الأخرى.. إنه يحمل ذات الحقيبة، مفعم بالحيوية، على درجة عالية من النشاط، متعجل. ومع الأيام، من حسن حظى، بدأ التقارب بيننا، واكتشفت فيه شفافية الروح، وأدركت أن ملامح وجهه الطيبة، نابعة من طبيعته السمحة، التى تبحث عن المناطق المشتركة مع الآخرين، وبالضرورة يجدها، ويحتفى بها، لذا فإنه يعيش بلا ضغينة أو خصومة مع أحد، وبالتالى يتمتع بنوع فريد من السلام مع نفسه، ومع العالم من حوله. إنه مغرم بالحياة، لذا أحبته الحياة.. وفى كتابه الأخير، الممتع «حوارات»، يكتب عنوان افتتاحيته، جملة صادقة جميلة، مكونة من ثلاث كلمات، تقول: «أعطتنى الحياة الكثير».

فى هذا الكتاب الذى يقع فى «270» صفحة من القطع الكبير، يلتقى فوزى سليمان مع «42» فنانا وأديبا، من مختلف الأعمار، ومن مختلف المجالات، ليحاورهم، على أرضية المحبة والتوقير، من بينهم من غنى ثم طار، مثل ميخائيل نعيمة وناظم حكمت، ومن لايزال يضىء حياتنا، أطال الله أعمارهم، مثل يوسف الشارونى ومحمد سلماوى. منهم بناة المسرح، زكى طليمات وسعد أردش وكرم مطاوع. ولا يفوته نجوم الموسيقى، سمحة الخولى، نصير شمة. وبالطبع، يفرد جزءا ثمينا لصناع السينما، عشقه الدائم، فيحاوز أساتذة من الخارج والداخل. الجزائرى أحمد راشدى، والسورى عمر أميرالاى، والمغربى أحمد المعنونى، والمصرى توفيق صالح، وغيرهم.. فوزى سليمان، يعرف تماما إنجازات من يتحدث عنهم، يتيح لهم، برحابة، فرصة شرح إبداعاتهم، لذا فإن قراءة الكتاب أقرب للرحلات الثقافية الثرية، المفيدة والممتعة فى آن.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات