إيلان - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 9:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إيلان

نشر فى : الثلاثاء 8 سبتمبر 2015 - 10:45 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 8 سبتمبر 2015 - 10:45 ص

إبان حرب أمريكا الظالمة ضد فيتنام، تناقلت الصحف ذات صباح، صورة هزت القلوب والضمائر، وساهمت، فى تأجيج التظاهرات، حتى داخل المدن الأمريكية، ضد طغاة البيت الأبيض، وجنرالات العم سام.

كانت الصورة لطفلة فيتنامية لم تتجاوز العشر سنوات، تجرى فى الطريق، عارية، باكية، صارخة، هربا من نيران قنابل النابالم التى تلتهم قريتها، والتى ألقاها سلاح الجو الأمريكى، المتفوق.

وجدت الطفلة المذعورة من يحتضنها ويأويها، يعالجها ويعلمها. مؤسسات المجتمع المدنى العاملة بعيدا عن الحكومات.. لاحقا، بعد عقدين أو ثلاثة من الزمان، غدت الطفلة، فى نهاية سعيدة، سفيرة للنوايا الحسنة فى الأمم المتحدة.

بعد نصف قرن من نشر صورة الطفلة الفيتنامية، باغتتنا وسائل الاتصالات بصورة فاجعة، صادمة، أقوى وأشد تأثيرا وبلاغة من الصورة الأولى.. بطل الصورة، طفل أصغر من الفيتنامية، لا يتجاوز الثلاثة أعوام، فى سن البراءة الكاملة والشقاوة العذبة.

لم يكن عاريا أو حافيا، لكنه يرتدى بنطالا أسود وفانلة حمراء، تنزلق من الوسط إلى أعلى، كاشفة عن جزء من ظهره.. ينتعل حذاء رياضيا جديدا.. هكذا، كأنه فى يوم عيد، ذاهب إلى الملاهى.

الطفل الوديع، ينام على صدره ووجهه فى سلام، على رمال شاطئ تركى.. المؤكد، أن مستقبله الأرضى لن يكون مثل مستقبل الطفلة الفيتنامية، ذلك أنه فارق الحياة، غريقا، أثناء هربه، لاجئا، إلى بلاد بعيدة، مع والدته، وشقيقه.. وفيما يبدو أن أمواج الأبيض المتوسط، كانت رحيمة به، فحملته إلى اليابسة، من دون جروح أو خدوش، فبدا، كما لو أنه فى إغفاءة، سيستيقظ بعدها، ليواصل حياته.

الملاك الصغير، إيلان عبدالله، من «عين العرب».. المدينة السورية التى يثير اسمها، وواقعها، أكثر من معنى.. إنها المدينة الصغيرة، سكانها من الطيبين الذين يريدون العيش فى أمان، ربما فقيرة، لكن أحلامها كبيرة، وبين ليلة وضحاها، وجدت نفسها فى قلب حرب قذرة، قوى خارجية تحرك مجموعات من شذاذ الآفاق، أقرب لعصابات وحشية، من العرب، ينازلون حكومة متغطرسة، تنال قسطا وافرا من الكراهية.. صراع، يدفع فاتورته الأهالى، بدمهم، وبيوتهم، وكرامتهم، على نحو دفعهم إلى الهرب من مكان يعتبر مشروع قبر.. خرج السكان، تجنبا للنار، مستسلمين لمياه البحر.

غرق الطفل إيلان، أيقظ ضمائر قطاعات واسعة من الأوروبيين.. اندلعت مظاهرات المجتمع المدنى، ضاغطة على حكوماتهم، كى تفتح حدودها، لاستقبال أهالينا، اللاجئين.

أما بالنسبة لنا، ونحن نتابع كيف أنقذ الطفل ــ الضحية ــ الآلاف من الهائمين على وجوههم، لم يرتفع صوتنا، إلا من باب المراثى.. وكيف يكون لنا فعل، أو صوت، و«عين العرب» كسيرة، إن لم تكن مفقودة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات