محمد نوح - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 1:56 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمد نوح

نشر فى : الأربعاء 8 أغسطس 2012 - 9:25 ص | آخر تحديث : الأربعاء 8 أغسطس 2012 - 9:25 ص

لا تزال صورته تتراءى أمامى، فى إحدى ليالى أكتوبر 1973، واقفا بعنفوان شبابه، فوق خشبة مسرح الطليعة، ينشد «مدد مدد.. شدى حيلك يابلد» صوته مع أجواء الحرب، يأتى مؤججا روح العزيمة المتوافرة أصلا، فى تلك الأيام، وحين يصل لجملة «إن كان فى أرضك مات شهيد، فيه الف غيره بيتولد» تنتقل حالة الحماسة فى صوته القوى الى أفئدة الجمهور فتلتهب الأكف بالتصفيق، نوح فى هذه الأغنية وغيرها لا يرددها بحنجرته وحسب بل بروحه وأعصابه، ووجهه المتصبب عرقا، وجسمه كله ولعل كلمته «الحماسة» هى مفتاح شخصيته او عنوانه الجامع المانع، فهو فى عمله وصداقاته وطريقة مشيته وكلامه ومحاضراته كلها أمور تصدر عنه مفعمة بالانفعال الصادق، فعواطفه دائما فى حالة يقظة. الخمول لا يعرف طريقا إلى مفردات حياته.

 

محمد حامد نوح «8 يناير 1937 ـ 5 أغسطس 2012 فنان متعدد المواهب حصل على دبلوم موسيقى عربية بعد تخرجه فى كلية تجارة الإسكندرية وقام بتدريب فرقتى تمثيل جامعتى الاسكندرية وطنطا. التحق بالمسرح الحديث ليلفت الأنظار له حين قام ببطولة «سيد درويش» التى كتبها صلاح طنطاوى وأخرجها محمد توفيق 1964.. أيامها كان نوح فى شرخ الشباب نحيلا خفيفا نشيطا ولعل كبار السن ــ امثالى ــ يتذكرون تلك الحيوية الدافقة التى يشيعها نوح وهو يصعد وينزل من السقالات المنصوبة على خشبة المسرح مرددا اغنية «البنايين» وغيرها من إبداعات سيد درويش التى تشربها فناننا وعشقها فمنحته بعض اسرارها، تجلت فى مسرحيات وضع ألحانها مثل «المشخصاتية» و«حلم ليلة صيف» و«انقلاب» حيث تتعدد الأصوات فى وقت واحد وفى أغنياته الفردية، يقوم الكورس بدور فعال يتجاوز مجرد ترديد المقطع الواحد، ليوسع ويعمق معنى الأغنية.

 

فى العام 1967 سطع محمد نوح فى ثلاثة أفلام، بترتيب اهميته فيها: «السيد البلطى» لتوفيق صالح و«الزوجة الثانية» لصلاح أبوسيف و«الدخيل» لنور الدمرداش.. شخصية محمود البلطى تتواءم تماما مع طبيعة نوح. إنه يطالعنا فى بداية الفيلم غاضبا، ثائرا مغادرا بيت العائلة محتجا على عدم إدراك أهله للتغييرات التى لا بد من تفهمها واستيعابها وفى الزوجة الثانية يؤدى دور الأخ الطيب الهادئ لعمدة القرية الأنانى ابوالعلا ــ صلاح منصور ـــــ وهو دور باهت، لا يتوافق مع ما جبل عليه نوح من «حماسة» ولا يتطلب تلك اليقظة الانفعالية التى يجيدها كذلك الحال بالنسبة لدوره الهامشى فى «الدخيل» والواضح أن دراسته الجادة فى التأليف الموسيقى لعدة سنوات بجامعة ستانفورد بأمريكا أتاحت له فرصة الإبداع فى مجال الموسيقى المصاحبة للأفلام خاصة أنه استوعب وبعمق أصول الموسيقى الشرقية، فضلا عن اجتهادات فى اكتشاف الموسيقى الفرعونية، لذا جاءت موسيقاه المصاحبة للأفلام بطابع يتسم بروح مصرية تتجلى فى أفضل حالاتها مع يوسف شاهين فى «اسكندرية كما وكمان» حيث يغلف المشاهد التاريخية بأنغام مشبعة بعبق الماضى.. وفى المهاجر تكثف الموسيقى من روحانية العديد من المشاهد.. محمد نوح صفحة مشرقة فى حياتنا الفنية.

 

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات