صعيدية.. هزت عرش الضباب - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 9:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صعيدية.. هزت عرش الضباب

نشر فى : الإثنين 7 سبتمبر 2015 - 10:30 ص | آخر تحديث : الإثنين 7 سبتمبر 2015 - 11:24 ص

صعيدية.. هزت عرش الصباب

المسئولون الكبار، وجدوا أنفسهم فى مأزق صعب، فالفتاة الصغيرة، الضئيلة الحجم، أثبت، على غير المتوقع، أنها مقاتلة لا تهدأ، ذات إرادة من فولاذ، باغتت خصومها بصلابة موقفها، وبالتالى اربكتهم، فحاولوا، بوسائل عدة، إنهاء المعركة بكل الطرق، وأهمها، إلقاء قنابل دخان، تحجب الرؤية، وتتستر على جناة أقوياء، ترتعش أطرافهم، يحاولون الهرب من البنت الشجاعة، بنظارتها الطبية، التى تقتحم سحب الدخان، لتمسك بتلابيب «أقوياء»، تحولوا إلى جرذان.

كأننا نتابع فيلما سينمائيا، كرتونيا، من «توم وجيرى»، حيث تتوالى الصراعات بين الكائن الأقل حجما، الأكثر ذكاءً، والآخر، الأضخم، المندفع، الموغل فى الغباء.

بدأت الحكاية بظهور نتيجة الثانوية العامة، وفى مفاجأة قلما تحدث، حصلت البنت على «صفر» عجيب، فى جميع المواد.

بعيدا عن «ميلودراما» العواطف المتورمة، علينا تجاهل ــ وليس إلغاء ــ حالة الإنهاك النفسى والانهيار العصبى عند البنت، لنرى، كيف سارت الأمور.

بعض المسئولين تعاملوا مع الموقف باستخفاف أعلنوا، قبل إجراء تحقيقات ــ لا تزال مستمرة ــ أن البنت تستحق هذا «الصفر» بجدارة، ذلك أنها سلمت أوراق الإجابة بيضاء.. وفى قول آخر، زعموا أن إجاباتها خاطئة.. هذا التضارب فى تفسير «الصفر» جعل الرأى العام يلتفت للأمر.

بدلا من اتجاه وزارة التربية والتعليم إلى الشفافية، لجأت إلى إطلاق تصريحات هلامية من نوع أن الفتاة قد تكون مصابة بحالة نفسية، أو أنها تخشى موقف أسرتها منها، مع التأكيد على استحالة تبديل أوراقها بأوراق أخرى.

مع عزيمة البنت الصعيدية، وإيمانها بعدالة قضيتها، تزايد اهتمام البرامج التليفزيونية بالمسألة، الأمر الذى يحسب لتلك البرامج الجادة، المهتمة بمشكلات المواطن العادى، والتى نجحت فى تحويل المسألة إلى قضية رأى عام، خاصة أن ابنة المنيا، بمظهرها البسيط، الحميمى والأليف، ربحت تعاطفا شعبيا واسعا.

الوزير، فى أكثر من برنامج، حاول، بكياسة، تهدئة الخواطر، مؤكدا أنه يتابع الموضع بكل جدية.. حاول، الدفاع عن «الكنترول»، وقال كلاما منطقيا حول استحالة تغيير أوراق الإجابة، لكنه ورط نفسه حين ذكر أن الشئون القانونية حققت فى الشكوى، وكانت النتيجة التى اقتنع بها، ورآها بعينيه، هى تشابه حروف كتاباتها، مع ما ورد فى أوراق إجابتها، خاصة حروف اللام والحاء والياء.

كلام الوزير وجد من يفنده، فالشئون القانونية، أولا وأخيرا، جهة تابعة للوزارة، نتائجها لا يعتد بها.. ثم مسألة تشابه بعض الحروف لا تؤكد أن أوراق الإجابة تتعلق بها.

فى محاولة للخروج من المأزق، جاءت الاستعانة بجهاز الطب الشرعى.. قيل إن «13» خبيرا فى الخطوط يبحثون الأمر.. وبعد طول انتظار، وتلكؤ، ظهرت النتيجة مطابقة لما ذهبت إليه الشئون القانونية بالوزارة.. عندئذ، اعتبر الناس أن هذه الخطوط هى أقرب لموجة ضباب، أو قنبلة دخان، تهدف إلى ستر جناة مجهولين.. وإزاء القول بحيدة ونزاهة «الطب الشرعى»، استدعى البعض ذكرى مبللة بالأسى، يوم زعم الجهاز أن المغدور، خالد سعيد، لقى حتفه بسبب اختناقه، إثر محاولة بلعه لكيس بلاستيك معبأ بالمخدرات.

أكثر من جريدة، نشرت صورا من إجابات الفتاة، إذن فإما أن هذه الصفحات مختلقة، مزورة، مكتوبة بخط ردئ، تتضمن شذرات من جمل ناقصة، لا يمكن أن تتأتى من طالب حاصل على القبول الإعدادى.. أو أنها حقيقية، تعبر عن مستوى البنت التى قيل أنها نجحت بتفوق فى السنوات السابقة. عندئذ يحق لنا أن نتساءل: لماذا قيل إن الفتاة قدمت أوراق إجابتها بيضاء.. الفيلم، دخل فى متاهة غامضة، مثيرة، ونحن، حين نرى نهايته، سنتعلم منه الكثير.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات