حميدة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حميدة

نشر فى : السبت 6 نوفمبر 2010 - 10:42 ص | آخر تحديث : السبت 6 نوفمبر 2010 - 10:42 ص

 أتذكر جيدا كيف تردد نعمان عاشور قبل موافقته على تحويل مسرحيته الجميلة «عيلة الدوغرى» إلى مسلسل تليفزيونى، وقال إن العرض الذى أخرجه عبدالرحيم الزرقانى، على خشبة المسرح القومى، معتمدا على كتيبة فريدة من كبار الفنانين، لا يمكن أن يصمد أمامه أى مسلسل. ونتيجة لإصرار ودأب كاتب السيناريو الموهوب. محسن زايد، وافق نعمان عاشور.. جاء المسلسل الذى أخرجه يوسف مرزوق على درجة عالية من القوة والإتقان جعل مبدع النص المسرحى يعرب عن سعادته بالمسلسل وإعجابه بإضافات محسن زايد الموفقة، بتجسيد وقائع وأحداث جاءت كمجرد إشارات فى المسرحية، أو مد خطوط الشخصيات والعلاقات إلى آخر مدى.

هذه التجربة تلقى ضوءا على المناقشات الدائرة الآن حول جدوى تحويل أعمال سينمائية ومسرحية إلى مسلسلات، خاصة فيما يتعلق برائعة نجيب محفوظ «زقاق المدق» التى قدمت، عدة مرات، على خشبة المسرح، وخلال ميكروفون الإذاعة، وحققها حسن الإمام، على الشاشة الكبيرة عام 1963.. أى منذ ما يقرب من نصف القرن، وقيل إن هيفاء وهبى اعتذرت عن أداء دور «حميدة» الذى جسدته شادية، لأنها لا تجد عندها، أو عند غيرها، ما يصمد للمقارنة مع شادية.. تلقفت الزميلة علا السعدنى هذا التصريح، وأيدته بشدة، وذهبت إلى القول إن «حميدة»، فى الفيلم، جاء ببصمة شادية، حيث لا يمكن تكرارها.. ولعل هذا الكلام يحتاج للمراجعة، جملة وتفصيلا، ذلك أن رواية «زقاق المدق»، شأنها شأن أعمال نجيب محفوظ الأخرى، تستحق إعادة إخراجها، أكثر من مرة.

كما حدث مع «بداية ونهاية» التى حققها صلاح أبوسيف 1960، وأعاد عاطف الطيب إخراجها بعنوان «دماء على الأسفلت» 1992 بمعالجة جديدة لأسامة أنور عكاشة. و«الطريق» التى قدمها حسام الدين مصطفى 1965، ثم أخرجها أشرف فهمى بعنوان «وصمة عار» 1986.. وليس من باب التجنى القول إن رواية «زقاق المدق» أكبر وأعمق من الفيلم الذى نسج على منوال حسن الإمام الذى أضاع الكثير من معالم الرواية حين انغمس فى الرقص والغناء.

جدير بالذكر أن «زقاق المدق» بشمولها ونفاذ بصيرته او تجاوزت الحدود المصرية، ووصلت إلى المكسيك، فتبدت قوتها وروعتها فى «حارة المعجزات» الذى أخرجه جورج فونسى 1995، ملتزما بأكبر كمية من الوقائع والأحداث، راصدا، بدقة، جوهر الشخصيات، وعلى رأسها «حميدة» التى أصبح اسمها «الميتا»، بأداء خلاب من سلمى حايك، وبعيدا عن التعصب لكل ما هو مصرى، تبدو فنانتنا الكبيرة شادية، متواضعة أمام سلمى، فبينما استعانت شادية بالكيشيهات المتكررة، من قبيل المغالاة فى الحركة باليدين ومضغ اللادن والتثنى وهز الردفين أثناء المشى، تعمدت سلمى حايك أن تعبر عن أعماق «حميدة» «العاهرة بالسليقة»، بالنظرة واللفتة واللمسة المقتصدة.

طبعا، لا يمكن إغفال الفارق الزمنى بين الفيلمين، فضلا عن الاختلاف بين مخرج يقدم منولوجا لشكوكو ورقصتين لسامية جمال، وآخر لا يوجد عنده لقطة بلا ضرورة.. لهذا كله.. من المهم، والمفيد، أن يعاد تقديم «زقاق المدق»، سواء على الشاشة الكبيرة، أو الصغيرة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات