عزف منفرد - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 8:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عزف منفرد

نشر فى : السبت 6 أغسطس 2011 - 10:56 ص | آخر تحديث : السبت 6 أغسطس 2011 - 10:56 ص

 الاستسهال، الركون إلى الراحة، الاستسلام للسائد والمألوف، الاعتماد على المتيسر، كلها معالم فى خارطة طريق نحو الفشل، أو على الأقل تجعل الأمور «محلك سر».. وهذا ما يجرى فى قنواتنا التليفزيونية، خاصة بالنسبة لبرامج «التوك شو» التى تشغل معظم ساعات الإرسال، وأدت، مع تكرارها إلى أن يغدو المذيع نجما فوق العادة، فها هو ينفرد بالكاميرا ليعزف كلاما عن الوضع الراهن، ويتغنى بالثورة، وضرورة زيادة الإنتاج، ومصر الكبيرة، قائدة المنطقة العربية، والشرق الأوسط وأفريقيا.. ثم يستضيف واحدا أو أكثر، من العارفين ببواطن الأمور، يحللون، يختلفون، يتفقون، ويتحول البرنامج إلى ندوة إذاعية مصورة، أو تكاد تكون منقولة من قاعدة بدون جمهور، وإن كانت المكالمات الخارجية، المتفق عليها غالبا، تحل مكان الجمهور.. وجوه الضيوف لا تتغير، تنتقل من برنامج لآخر، كأن أصحابها فى حالة «كعب داير» بين القنوات، يكررون ذات الكلام، فتبدو المسألة كما لو أنها عزف منفرد، متواصل، يؤدى ذات المعزوفة.

الإسراف فى برامج «التوك شو» أثرت بالسلب على برامج التحقيقات الأهم، والأجدى، التى تعتبر فخر أى قناة تعمل على تقديمها، وهى تحتاج لجهد وجدية، وقدرة على تحمل المشاق واستعداد شجاع للمواجهة.. هذه الشروط، أظن أنها تتوافر فى شبابنا، فقط تحتاج للمايسترو الذى يقود مجموعة العمل، والقناة المؤمنة بدور الإعلام فى الكشف عن الحقيقة.. فمثلا، المذيع اللامع، يسرى فودة، صاحب الأسلوب الهادئ، العاقل، الذى يشعرك أن صاحبه يسير على حبل مشدود، يخشى الوقوع فى هوة الاحتجاجات أو القضايا، قدم فيما قبل عدة حلقات من برنامج بالغ الأهمية بعنوان «سرى للغاية»، يتوغل فيه داخل الأحراش الغامضة لقضايا يعلوها ضباب كثيف، وينجح، مع طاقم العمل الذى يسانده، فى قراءة الجوانب الخفية المتعلقة بمقتل العالم المصرى «يحيى المشد»، أو ما أدى إلى «11 سبتمبر»، أو قصة «الجهاد فى العراق».

وإذا كان هذا البرنامج مهما فى حد ذاته، فإن أهميته تتضاعف الآن، فعندنا الكثير من القضايا الغامضة، المسكوت عنها، التى تكاد تقبر تحت ركان مجالس الكلام، وتحتاج، وبإلحاح، إلى من يفتح ملفاتها، قبل أن تهترئ، ويلفها غبار النسيان.. ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، واقعة اختفاء الكاتب الصحفى رضا هلال، منذ أكثر من ستة أعوام. شذرات من معلومات تدعى أنه موجود فى أحد المعتقلات، وثانية تدعى أنه محجوز فى مستشفى أمراض نفسية بالإسكندرية، وثالثة تزعم أنه قتل. التحقيقات الرسمية فشلت أو لم تشأ أن تصل إلى شىء، وبالتالى فإن الغائب ينتظر كتيبة التلفاز الشجاعة التى تظهر الحقيقة. كذلك الحال فيما يتعلق باللواء الشهيد محمد البطران الذى تضاربت الأقوال فى ظروف قتله، وإن كان الضمير الشعبى آمن بأن رصاصات الغدر طالته لأنه رفض فتح أبواب السجون.. أما عن حرق كنيسة القديسين بالإسكندرية، فإن الغموض لايزال يلف مرتكبها.. كذلك الحال بالنسبة للقناصة، قتلة الثوار، حيث يجرى الحديث عنهم كأشباح، بينما من الممكن كشفهم، والإمساك بهم. ثم، ثمة أنصاف أشباح.

البلطجية الذين نراهم وقد تمزقت ملابسهم وغطى الدم وجوههم. من أين أتوا، وكيف، ولماذا.. كل هذا نحتاجه من قنواتنا.. فهو أهم وأجدى من تلال الكلام، والأحاديث المطولة من هذا المذيع وتلك المذيعة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات