إما.. أو - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إما.. أو

نشر فى : الأربعاء 6 يوليه 2011 - 9:14 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 يوليه 2011 - 9:14 ص

 لا تصدق من يقول لك إما هذا أو ذاك، فهو بالتأكيد يحاول خداعك، ويضع المتاريس الوهمية أمامك، فيما عدا ثغرتين، إحداهما مشتعلة بالنيران، وبالتالى لا يغدو أمامك سوى طريق واحد، يريدك أن تسير فيه.. قال الرجل، قبل أن يغادر دست الحكم: إما أنا.. أو الفوضى. طبعا، لا أحد يميل للفوضى، وبالتالى بقى الرجل فى منصبه لفترة أطول مما يجب، ولكن حين أدرك الناس، خاصة الشباب، أن لا هو ضرورة، ولا الفوضى حتمية، انفتحت آفاق جديدة، طريق ثالث ورابع وخامس.

ذهب الرجل، وتم التخلص من بعض بطانته وحاملى المباخر. لكن أسلوب «إما.. أو» لا يزال مسيطرا على الكثير من أوجه حياتنا، فإما أن نقترض ونزيد الضرائب أو نفلس، وإما أن تقبل الأمن، بشروطه، أو أن تقع الشوارع فى يد البلطجية، وإما أن تكون مسلما أو قبطيا، وإما أن تنتمى للأهلى أو الزمالك، وإما أن نقيم المهرجانات السينمائية أو نلغيها.

«إما.. أو»، من أدوات القمع، تكبل التفكير وتدمر الخيال.. الاتهام المغرض للحلبة المصرية، بأنها تحمل بكتريا «آى كولاى» جعلتنا نكتشف إمكان زيادة صادراتنا من هذه الحبوب، مع التوسع فى زراعتها، الأمر الذى يتطلب إصلاح أراضٍ، فى وقت تتوافر فيه آلاف، إن لم يكن ملايين السواعد العاطلة.. فى التحقيقات التى أجرتها «المنيا» حين تتبعت خط سير الحلبة، وجدت أنها جاءت من فرنسا، التى استوردتها من إنجلترا، التى جلبتها من مصر. أى أن «حلبتنا»، المحبوبة فى الغرب، أخذت كعب داير فى العديد من البلدان الأوروبية، قبل أن تستقر، بالهناء والشفاء، فى معدة المستهلك، شأنها شأن العدس والخردل والثوم والبصل. وطبعا، كل دولة استقطعت جزءا من كعكة الحبوب المصرية قبل تصديرها إلى البلد الآخر.. لو أن وزير المالية، ومعه وزير الزراعة، وثالثهما وزير التجارة، تحرروا من أغلال «إما.. أو» لوجدوا طريقا ثالثا للخروج من الأزمة.

أنا مصرى، أولا وأخيرا، لا تصنفنى دينيا، فالتصنيف الطائفى أحد مظاهر التخلف، فى باطنه تكمن أوخم العواقب، وهو مرض خبيث ينتشر فى جسد الأمة، فإذا قام رجل تافه بمعاكسة سيدة تسير وحدها أو مع زوجها، وتندلع خناقات، فإن الصحافة تتحدث عن الهوية الدينية لكل من الطرفين، علما بأن لا علاقة للدين بما جرى.. أما عن الأمن، الذى إما أن تترك له حرية التصرف كاملة، أو يرفع يده عن كل شىء، فإن ثمة طريقا ثالثا، هو أن يقوم بدوره فى حفظ الأمن العام، أمن المواطن، أمن المحلات والشوارع والبيوت، وأن يلتزم رجل الأمن بالآداب الأخلاقية. حينها لن نرى ذلك المشهد الجارح، المروع، لذلك الشرطى الذى يحمل سنجة وعصا، يرقص بهما رقصة خليعة ويتعهر، ويأتى بحركات وإيماءات لا تليق بالزى الذى يرتديه، ولا بأى مصرى، ولا بأى رجل.

الفرز الكروى، أدى إلى مشجعين ضيقى الأفق، متعصبين، لفريقين فاشلين. ثمة رياضات أخرى، فردية وجماعية، من الممكن تنميتها، وجعلها أكثر انتشارا وشعبية، بدلا من إما الأهلى أو الزمالك.

ومرة ثانية وثالثة، بالنسبة للمهرجات، رفعت الوزارة شعار «إما أن تكون أو لا تكون» واختارت ألا تكون، وبهذا صادرت طريق «أن تكون.. بأهداف وآليات وخيال آخر».. علينا أن نتحرر من العجز الذى يؤدى له القانون الزائف، الخانق، التعجيزى، القائل بـ«إما.. أو».

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات