تسترجع.. أم ضاعت - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 9:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تسترجع.. أم ضاعت

نشر فى : الأربعاء 6 أبريل 2011 - 10:02 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 أبريل 2011 - 10:02 ص

 «معالى الوزير»، رأفت رستم، بأداء أحمد زكى الخلاب، ينتابه كابوس فقدان صوته، فيكاد يجن غضبا وحيرة وألما، ليس بسبب عدم قدرته على الكلام، ولكن لأن الأموال التى نهبها من البلاد، وضعها فى بنوك سويسرا، ممهورة ببصمة الصوت، وهو يعلم تماما أن هذه البنوك الوحشية، تتحين الفرصة لتجميد حسابات أى شخص أو أى جهة. البنوك، بترسانة القوانين التى تحميها، تؤكد، فى بعد من أبعادها، أنها أقرب للمافيا العصرية، ترتكب جرائمها بقفازات ناعمة من حرير، وهذا ما يكشف عنه الباحث الثقة، دافيدس لاندز، فى كتابه الشائق «بنوك وباشوات»، الذى بين فيه كيفية سطو البنوك، على ثروات مصر، التى كان احتلالها اقتصاديا مقدمة لاحتلالها عسكريا.. وفى إحدى أقوال برتولد بريخت الطريفة، الموجزة، التى تصيب كبد الحقيقة، جملة مكونة من عشر كلمات: اللصوص الأغبياء يخططون لسرقة بنك.. اللصوص الأذكياء يقدرون إنشاء بنك.

هذه التداعيات تتوالى على أى ذهن مكدود بسبب أموالنا المهربة للخارج، المحاطة بضباب كثيف، سواء بحجمها أو طريقة استعادتها.. أرقامها، يتم التلاعب بها، وبنا، فبعد أن ذكرت مصادر بريطانية أن ثروة عائلة مبارك تبلغ السبعين مليارا، عادت وزعمت أنه تقدير مبالغ فيه. وبعد إعلان الذنب الماكر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ الأمريكى، جون كيرى، فى معرض حديثه عن مصر، أن ثروة مبارك فى الولايات المتحدة، تبلغ واحدا وثلاثين مليارا ونصف، قال لاحقا، عقب حضوره لبلادنا، ببراءة مزيفة أنه لم يكن يقصد حسنى مبارك، ولكن كان يتحدث عن زين العابدين.

بعيدا عن تخمين حجم ثروة مبارك، تحاشيا للانغماس المرهق فى توزيعها المتخيل على أفراد الشعب، ثمة طابور من الحكام اللصوص، معظمهم من المعمرين، جلسوا على مقاعد السلطة المطلقة لعقود طويلة، نزحوا أموال بلادهم التى ظلت منتمية للعالم الثالث، والذى يعيش سكانه تحت خط الفقر وفى قبضة المرض، فيما عدا الزبانية طبعا.. من هؤلاء الحكام. على سبيل المثال لا الحصر: فردينان ماركوس «1917 ــ 1989»، حاكم الفلبين الفاسد، هو وزوجته مايتلدا، المفتونة بالمجوهرات والأحذية.. بينوشيه «1925 ــ 2006»، ديكتاتور شيلى، قاتل اللندى والآلاف من أبناء الوطن. رضا بهلوى، شاه إيران «1919 ــ 1980»، الذى عاش عامه الأخير هائما على وجهه، لا يكاد يجد مكانا مريحا يعيش فيه، برغم ثروته التى سرقها، والتى لم تنقذه، ولم تنقذ أولاده الذين ينتحرون، الواحد تلو الآخر، فها هو «على رضا» يطلق على نفسه رصاصة مميتة بعد انتحار اخته «ليلى» بجرعة مخدرات كبيرة.. بوكاسا، إمبراطور أفريقيا الوسطى «1921 ــ 1996»، الذى لم يتمكن من الهرب فحوكم بتهمة أكل لحوم البشر وكاد يعدم بتهمة الفساد.

هؤلاء وغيرهم، وضعوا الأموال المنهوبة فى المصارف الأوروبية، والأمريكية، ونجحت بعض البلدان المسروقة، بعد عناء شديد، فى استعادة القليل من المسروقات، فالبنوك عادة، تضع العراقيل أمام هذا الأمر.. وفى حالة موبوتو، لص زائير «1930 ــ 1997»، رفضت البنوك السويسرية إعادة المال إلى زائير «الكونجو الآن» بحجة أن حكومتها تأخرت فى طلبها وتقاعست فى المتابعة. والآن نسمع الكلام ذاته، من البنوك البريطانية، فيما يخصنا!

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات