برق ورعد.. بلا مطر - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 9:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

برق ورعد.. بلا مطر

نشر فى : الأربعاء 6 يناير 2010 - 10:07 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 يناير 2010 - 10:07 ص

 «بالألوان الطبيعية» عمل ضد النواهى والممنوعات، يجنح للتحرر والانعتاق، بطله «يوسف»، بأداء موفق للواعد كريم قاسم، تمزقه الحيرة بين الامتثال والتمرد. يريد أن يعيش حياته كما يهوى، بينما يصر الآخرون على إلزامه بقوانينهم ومعاييرهم، لذا فإنه يطالعنا وحيدا، بين جدران حجرته، يتحدث مع نفسه فيما يشبه «المنولوجات» الداخلية، يطرح أسئلة على قدر كبير من الجرأة، يوازيها، فى البدايات، جرأة فى أسلوب مخرج الفيلم أسامة ذكرى،

فالمواقف تتوالى أمامنا، نابعة من ذهن «يوسف» المشوش، فيختلط الواقع بالخيال، فيما يشبه الكابوس، فها هى والدته «انتصار» تلطم خديها وتصرخ وحولها جاراتها، يهدئن من روعها بعد أن عرفت بدخول ابنها لكلية الفنون الجميلة، ويتعمد طارق التلمسانى أن تبدو الوجوه غريبة، مشوهة، كما لو أنها آتية من ذهن البطل وليست كما هى فى الحقيقة..

هنا، يبرق الفيلم بوعود ثرية، ويبدو كما لو أن جرأته، من الناحية الفنية، ستوازى جرأته فى طرح الأسئلة، فالفانتازيا، أو الخيال الجامح، أو الواقعية السحرية، هى الأسلوب الأمثل لفيلم تعتمد مادته على عالم الألوان الصاخب، وشباب ممزق، يتهدده الضياع، وأساتذة ذوى اتجاهات متضاربة، سواء داخل الكلية أو خارجها..

لكن هذا الأسلوب الجرىء، سرعان ما يخفت ويتلاشى، وبدلا من أن يحلق فى أجواء رحبة، يرتد إلى الواقع مهمشا، وعلى استحياء، وربما بخمول يحاول الفيلم استجماع قدراته لينطلق ويبرق من جديد، فى حفلة التخرج المنسوجة بمهارة، على منوال حفلات فللينى، حيث الأزياء الغريبة والمكياجات الغامضة، فضلا عن ظهور الداعية الدينى المفاجئ كى يملى وجهة نظره على بطل الفيلم، بالإضافة للقطة الختام حين يطل علينا معظم أبطال العمل.. لكن هذه الإبداعات، الأقرب للانتفاضات، تنطفئ على عجل.

هذا الكلام لا يعنى رفض الواقعية، لكن يهدف لتبيان تنافرها مع روح الفيلم، وكيف أنها أدت إلى نوع من المباشرة السقيمة، مثل صياح البطل فى البرية، وأحاديثه نحو السماء، ويصل الفيلم إلى درجة لا تطاق من الغلظة حين يتابع طالبة تقضى حاجتها داخل حمام كى تقدم، مع زملائها، ما جادت به أحشائها، داخل علبة أنيقة، للأساتذة.

وهذا المشهد، فى تقديرى، هو الذى دفع «الأساتذة» للغضب، فأخذوا يرعدون على صفحات الجرائد والمجلات، مما أبعد الفيلم عن مناقشة القضايا الفكرية المهمة التى يثيرها، وأدى إلى التعثر عند حدود ما يليق أو لا يليق.. لو أن «بالألوان الطبيعية» كان جريئا فنيا بقدر ما هو شجاعا فنيا لما قلنا إننا شاهدنا برقا وسمعنا رعدا.. ولكن بلا مطر.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات