الزين اللى فيك - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 6:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الزين اللى فيك

نشر فى : السبت 5 ديسمبر 2015 - 9:20 ص | آخر تحديث : السبت 5 ديسمبر 2015 - 9:20 ص

هذا الفيلم تعيس ومحظوظ فى آن.. الشتائم داهمته من كل جانب. أبطاله تعرضوا لتهديدات واعتداءات بدنية. مظاهرات واحتجاجات اندلعت ضد مخرجه، نبيل عيوش. شباب غاضب حمل لافتات مكتوبا عليها «يا عيوش يا جبان.. المغربية لا تهان»، «المغاربة أكبر من أن تُهان نساؤهم»، «بمثل هذه الأعمال يشاع الفساد».. والأهم أن «الزين» منع من العرض فى المغرب، وجاء فى فرمان المنع ذات العبارات التقليدية، التى تستخدم عادة فى بلادنا، مثل احتواء الفيلم على «إساءة أخلاقية جسيمة للقيم وللمرأة المغربية ومسا صريحا بصورة المغرب».

أما حسن حظه فيتمثل فى عدة مكتسبات: لفت الأنظار للفيلم على نحو يفوق أى دعاية. جعل اسم بطلته، الممثلة الناشئة، لبنى أبيضار، متداولاً على نطاق واسع، وتوالت عليها العروض، بعقود ضخمة.. والأهم، ذلك الشغف الجماهيرى، المتفق والمعارض، على مشاهدة الفيلم. وليس من المبالغة القول بأن الزحام أمام دار السينما، فى أيام قرطاج، يفوق فى كثافته هوس حضور أى فيلم آخر، حتى إن التذكرة الرسمية التى تُباع بدينار ونصف الدينار، وصل ثمنها، فى السوق السوداء، إلى خمسة عشر دينارا.. وربما يكون هذا الإقبال الكبير من الدوافع لمنح «الزين» جائزة الجمهور، بجانب جائزة خاصة من لجنة التحكيم.. لكن، لا يمكن تجاهل ذلك التعاطف المبدئى إزاء العمل المقموع بالرفض، سواء فى بلادنا، أو فى البلاد الأجنبية، دليلى على هذا تلك الجوائز التى بدأ «الزين» يحصل عليها، فى فرنسا، وإسبانيا. وأتوقع فى مهرجانات أخرى ليس لقيمة الفيلم فى حد ذاته، لكن نكاية فيمن صادره.

نبل عيوش، يفتح ملف بائعات الهوى، الموضوع الأثير عند عشرات المبدعين، نظرا للطبيعة الخاصة لصاحبات هذه المهنة، اللاتى أصبحن بطلات أفلام معظم سينمات العالم.. تختلف المعالجة من عمل لآخر. البعض يفضلها رومانسية، مثل «غادة الكاميليا»، وآخرين صبوا جام غضبهم على المجتمع، مثل «البؤساء»، وثمة من اتجه بهن اتجاها كوميديا، مثل «إيرما الغانية»، وهناك من رأى أنهن مجرد منحرفات بالسليقة، حسب وجهة نظر البريطانى سومرست موم، صاحب «أغلال الإنسانية».

«الزين»، يعتمد على ثلاث نساء، يعملن بالدعارة، وتنضم لهن، قرب النهاية، امرأة رابعة هاربة من مكان بعيد، ببطء يكاد ينتفخ، بحكم حملها.. أى أن ثمة وافدات دائما، مما يعنى استمرار دولاب عمل هذه المهنة، خاصة فى تلك المدينة التى لا نرى منها سوى كباريهات، وشقق فاخرة، يملكها، أو يؤجرها أثرياء الخليج، خاصة من المملكة السعودية، بالإضافة لبعض الأجانب.. ولا يفوت صانع الفيلم تقديم شاب مخنث يرتدى ملابس النساء، يضع وردة بيضاء على شعره الطويل، اسمه «أسامة»، يصاحب البطلات، يحاول إخفاء خشونة صوته.

من الصعب تصنيف «الزين اللى فيك»، فهو ليس اجتماعيا، يتحرى الواقع الذى يفرز ظاهرة الدعارة، وإن أشار إشارة خجولة للوضع الاقتصادى المتردى لوالدة إحدى البطلات.. والفيلم ليس نفسانيا، يعتمد على تحليل المكونات العقلية والوجدانية التى ساهمت فى تحول البنات إلى بائعات هوا، أو تفضيل «أسامة» أن يغدو أنثى.. الفيلم، باهت فنيا، لا هو كوميديا، ولا تراجيديا، ولا ميلو درامى، ولا استعراضى. إنه مجرد «عرض حال»، شديد السطحية، ينتقل بنا من حفلة صاخبة إلى حفلة مجون يتكرر فيها ما يشبه الرقصات الخليعة، مع تبادل عبارات.

وبينما يغرق العربى والأجنبى فى «سيكيلون» الصدور والأفخاذ، يغرق الفيلم فى المشاهد الجنسية، على نحو يبعده عن فن السينما الروائية ليضعه فى خانة المقاطع الفاضحة.

نبيل عيوش، هذه المرة، يصل إلى أدنى مستوياته: سيناريو يخلو من الأحداث، شخصيات بالغة التسطح، حوارات أقرب للثرثرة الفارغة.. إدارة خائبة لممثلين ليس أمامهم فرصة للإبداع أو التعبير، ذلك أن المطلوب منهم التعرى، ثم التعرى.. إنه عمل متهافت، لم ينقذه إلا مصادرته، فلولا منعه، لكان فى خبر كان.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات