ليس كل ما يلمع ذهبًا - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 7:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس كل ما يلمع ذهبًا

نشر فى : الأربعاء 3 أغسطس 2011 - 9:50 ص | آخر تحديث : الأربعاء 3 أغسطس 2011 - 9:50 ص

 الانتصار الكبير، المبهر، ربما يعمى الأبصار، وقد يكون بداية هزيمة مروعة. هذا ما تعلمنا إياه الأيام.

لكن بعضنا لا يستوعب الدرس.. فى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، فاز الحزب الوطنى فوزا ساحقا. اكتسح خصومه. أجبرهم على الانسحاب، وتعرض من دخل حلبة الصراع لهزيمة ماحقة.. وقف أباطرة الحزب، وقد ملأتهم النشوة، أمام الكاميرات، يتحدثون بتواضع مفتعل، يخفى غرورا بلا حدود، عن الحياة الحلوة التى سيعيشها الشعب المصرى، تحت رايات، وبفضل الحزب الرابح، لم ينتبه المنتصرون إلى أنهم هزموا فى قلوب الناس، وهى هزيمة فادحة، قاتلة، قد تكون صامتة، غير معلنة، لكنها تنمو، تزداد، تفور، إلى أن تنطلق فى لحظة، وتنتصر انتصارا حاسما على الرابحين، الذين بدأت خسائرهم غير المحسومة، يوم لمعان طالعهم المزيف. وحين جاءت لحظة الحقيقة، فى أعقاب الثورة، وجد منتصر الأمس نفسه، داخل زنزانة سجن، لا ينطبق عليه إلا وصف نجيب محفوظ: ذهب كل شىء ولم يبق إلا سوء السمعة.

انتصر لواء متقاعد، على المذيعة دينا عبدالرحمن، وهو انتصار له أكثر من معنى، فمن يتابع الحوار الذى جرى بينهما، يدرك الفارق بين الأسلوب العسكرى والأسلوب المدنى، فالعسكرى يقول بالحرف الواحد «القوات المسلحة تعلم الناس ــ كى، جى، وان ــ من الديمقراطية».. هكذا، كما لو أن القوات المسلحة ليست من أبناء الشعب، ذلك الشعب الذى يراه اللواء مجرد أطفال فى طور النمو..

وبعد محاورة قصيرة، انقض اللواء تجريحا فى واحدة من أشرف وأجدع بنات الشعب المصرى، نجلاء بدير، واصفا إياها بـ«المخربة». حاولت المذيعة، بنزاهتها المعهودة، الدفاع عن الصحفية التى تكتب مقالاتها بمداد من ضمير حى، انزعج اللواء، وحين أعوزته الحجة، خلع القايش معنويا، لينهال تأديبا، على الصحفية والمذيعة التى لم تنل ضربتين من صاحب القايش وحسب، بل تم طردها المشرف من القناة.. انتصر اللواء، لكن هزيمته الموجعة كانت فى قلوب الناس، وسحب معه، إلى الهزيمة، صاحب القناة المرتجب.. ولم تأت لحظة الحقيقة بعد سنوات، كما الحال مع الحزب المنحل، ولكن فورا، بعشرات المقالات المنددة باللواء، وبمالك القناة، الذى تلقى ما يليق به، حين قدم الكاتب الشجاع، بلال فضل، استقالته، احتجاجا على ما جرى.

فى مظاهرة يوم الجمعة 29 يوليو، حققت جماعات متطرفة انتصارا شكليا مهولا، ينطوى على خسارة فاجعة، وبعيدا عن التوافق المغدور بين الجماعات المتطرفة من ناحية، وفصائل القوى الليبرالية والجماعات الإسلامية من ناحية أخرى، بدا المشهد، فى المساء، غريبا، عجيبا، استعراضيا، فجا، لا علاقة له بالتاريخ أو الجغرافيا، قد يجلب الغبطة، والإحساس بالظفر لمصطنعيه، لكنه أحدث انقباضا فى القلوب ونفورا فى النفوس. خاصة حين ترددت هتافات سمجة، تجمع بين الجهل الشديد والتعصب الزنيم..

والأدهى، والأعمق إيلاما، ذلك التنازل المقيت على العلم المصرى الحبيب، المعبر عن وطن ضحى أبناؤه بدمائهم، من أجل رفعه ورفعته، واستبداله بأعلام سوداء، تتطابق مع أعلام طالبان وأعلام سفن القراصنة، بالإضافة لحمل عدة أعلام مرسوما عليها سيف أو أكثر، مستوحاة من علم دولة جارة.. المفارقة تكمن فى أن الذين قاموا بهذا الاستعراض ظنوا أنه نهار النصر الكبير، بينما هو، فى حقيقته، مساء العار.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات