الأغنية.. تسمعها بعينيك - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 6:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأغنية.. تسمعها بعينيك

نشر فى : السبت 3 أبريل 2010 - 10:07 ص | آخر تحديث : السبت 3 أبريل 2010 - 10:07 ص

 إذا أردت أن تصبح مخرجا للفيديو كليب فعليك بمعرفة أبجديات المهنة، وعناصر العمل الذى تنوى تحقيقه، مبتعدا فى ذات الوقت عن مسائل قد تبدو مهمة، مثل حلاوة الصوت، أو عمق معانى الكلمات، أو جودة الألحان، فيكفى أن تفكر فى صور ذات طابع جمالى، تعتمد فيها على ستائر هفهافة، شموع مشتعلة، سلالم نظيفة، زخات مطر، ألسنة لهب، باقات ورد، أمواج بحر، حدائق ممتدة، زورق يتهاوى فى بحيرة ساكنة، دخان، قمر فى كبد السماء، تحجبه بعض السحب.

ويستحسن الاستعانة بعدد من فتيات فاتنات، يتبخترن أو يرقصن، تتابعهن الكاميرا فى لقطات متوسطة، وتركز على شفاههن فى لقطات قريبة، ولا بأس فى عدد من الشباب، من ذوى الأجسام الرياضية الممشوقة، يضعون قبعات على رءوسهم، ويقدمون شيئا من الأكروبات.. وعليك أن تهتم بالإضاءة الملونة، والحركة المتدفقة، فضلا عن التقطيع السريع.

باختصار: اجعل المتفرج يستمع إلى الأغنية بعينيه وليس بأذنيه.. وفى النهاية، زيادة فى الإبهار، اكتب أسماء المشاركين فى الكليب، باللغة الإنجليزية.. وفيما يبدو أن المخرج محمد سامى قرر تجاوز هذه المفردات ليقدم شيئا جديدا مهيبا، فى كليب هيفاء وهبى «إنت تانى»، فماذا فعل؟

اتجه المخرج إلى العصر الرومانى، وبالتحديد إلى أفلام من نوع «سبارتاكوس»، الذى حققه ستانلى كوبريك وقام ببطولته كيرك دوجلاس، و«المصارع» لريدلى سكوت الذى أدى بطولته راسل كرو، ولكن فى هذه المرة، البطولة لهيفاء وهبى، بملابس رومانية شفافة، تجلس على مقعد منخفض فى نهاية ممر يؤدى إلى حلبة مصارعة.

تقترب منها الكاميرا لترصد معالم وجهها الأخاذ الذى تنطق ملامحه بالقوة والتحدى. تقف بقوامها الفارع، تتقدم بخطوات واثقة. تخطف حربة وتنطلق إلى حلبة المصارعة بحماس، يستقبلها الجمهور الضخم الجالس على المدرجات الحجرية، ويتابعها القيصر «تامر هجرس» مبتسما بإعجاب، ولا يفوت واضع الموسيقى أن يستخدم آلة «البروجى» النحاسية لتدعيم أجواء المنازلات.

تقذف بالحربة فتصيب المصارع الذى أمامها، وبعد مشاهد رومانسية تحت عنوان «قبل عامين» يتضمن مجموعة فتيات بملابس بيضاء رقيقة يعبثن بالماء فى بحيرة، يعود «الكليب» مرة ثانية إلى «الإستاد» الرومانى، حيث هيفاء المكبلة بالسلاسل، إلى جانب قفص نمر، تتمكن من تحطيم أغلالها وتخرج إلى الحلبة، ممسكة بسيف طويل، تدخل فى معركة ضد مقاتل ضخم، تراوغه بمهارة وتصيب رقبته وتقف شامخة وقد تخضب سيفها بلون الدم..

أثناء توالی هذه المشاهد القوية، المتقنة، تأتى الأغنية بلحن باهت، متراخٍ، وضعه رامى جمال، لكلمات ركيكة، كتبها أمير طعيمة، من نوع «إنت تانى. مش غيرى خد مكانى. مش بعتنى فى ثوانى. طب ليه دلوقتى رجعت لى تانى. أهو ده اللى باقى. وده اللى ناقص».. وربما أحس محمد سامى بمدى التنافر بين ضخامة الشكل وتفاهة الجوهر، فجعل ما نراه مجرد حلم يراه «تامر هجرس» أثناء مشاهدته لفيلم «المصارع»، محققا بهذا مقولة إن الأغنية تسمعها بعينيك.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات