مسلسل فى المنفى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 5:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مسلسل فى المنفى

نشر فى : الأربعاء 1 سبتمبر 2010 - 10:47 ص | آخر تحديث : الأربعاء 1 سبتمبر 2010 - 10:47 ص
صناع «ملكة فى المنفى»، ربما من دون أن ينتبهوا، حكموا على مسلسلهم بالنفى. صحيح، إنهم يقدمون مأساة «نازلى»، الملكة التعيسة، التى عاشت حياة مديدة «1894 ــ 1978»، قضتها فى سلسلة من المتاعب والآلام، فحين تزوجت من الملك فؤاد، فى عام 1919، بدت كمن دخلت قفصا مذهبا لا فكاك من قضبانه، وعقب وفاة جلادها، بعد ما يزيد من العقد ونصف العقد، غدت والدة للملك فاروق، وما إن تفتح قلبها للحب وابتسمت لها الدنيا حتى لقى حبيبها، أحمد حسنين، مصرعه فى حادث أليم، ودبت الخلافات مع ابنها الملك وبدأ المرض يداهمها. سافرت مع بنتيها إلى فرنسا، ومنها إلى إيطاليا، ومنها إلى أمريكا، فى رحلة ضياع طويلة، انتهت بمقتل ابنتها فتحية برصاصات من زوجها رياض غالى، الذى حاول الانتحار، ولم يعد أمام «نازلى» إلا أن تعيش بقية سنواتها فقيرة، مريضة، وقد نزع ابنها عنها لقب «الملكة الأم»، الذى لم يكن يعنى عندها شيئا.

فى الفن، لا توجد شخصية غير صالحة للتقديم، مهما كانت ضآلتها أو خفتها أو تفاهتها، فالمسألة أولا وأخيرا، تعتمد على طريقة المعالجة، ومدى قدرة الكاتب على اكتشاف العالم من خلال تلك الشخصية، حتى لو كانت سجينة أو طريحة الفراش أو معزولة عن الاندماج فى الحياة على نحو مباشر. وهذا ما لا يتوافر فى المسلسل، الذى شاهدنا فيه حدائق وقاعات وثريات وستائر مسدلة على أبواب وشبابيك، فضلا عن خيول وطرابيش، بالإضافة لثرثرات نساء متأنقات ورجال بلا ملامح، ينحنون فى دخولهم وتتابعهم الكاميرا فى انسحابهم، بذات الانحناءة، حتى خروجهم من الأبواب.

كاتبة السيناريو، راوية راشد، المثقفة، تعلم تماما أن زفاف «نازلى» كان إبان «ثورة 19» التى اندلعت على طول البلاد وعرضها، والتى لابد أن يكون لها أصداء داخل القصر الملكى، وأيضا عند «نازلى»، ذات التعليم الفرنسى الرفيع، التى تخرجت فى إحدى جامعات باريس. امرأة هذا شأنها، وهى المحبة للاطلاع والقراءة، هل يعقل أنها لم تقلب أو يصل ليديها أحد مجالات تلك الفترة؟ ولا تدرى شيئا عن حركة تحرير المرأة ونزعها للحجاب.. نعم، «نازلى» تكاد تكون سجينة فى القصر، ولكن هذا لا يعنى بالضرورة أن يعزل المسلسل نفسه معها، فثمة حياة فى الخارج، لا ترى ولم تسمع بطلتنا عنها شيئا. قبل رحيلها من مصر عام 1946، كانت البلاد عامرة بطه حسين وقضيته حول «الشعر الجاهلى» وعباس محمود العقاد، الذى دخل السجن لعيبه فى الذات الملكية، لقد عاشت فى عصر أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وأسمهان ونجيب الريحانى، وبعضهم درج على تقديم أعماله داخل القصر.. يمكن القول إن مصر، غائبة عن المسلسل.

المخرج محمد زهير رجب، لم يلتفت إلى أن فرنسا المحطمة، عقب الحرب العالمية الثانية، تختلف عن أجواء البساتين، التى ظهرت فى المسلسل. وفى أمريكا اكتفى بالتصوير المتوالى إما داخل «بار» أو فى حديقة وصالة فيللا.. وبهذا ساهم بفعالية فى نفى المسلسل.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات