بروتوكول هانيبال لم يختفِ.. فقط تحول إلى تأخير في المفاوضات - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 8:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بروتوكول هانيبال لم يختفِ.. فقط تحول إلى تأخير في المفاوضات

نشر فى : الإثنين 1 أبريل 2024 - 7:15 م | آخر تحديث : الإثنين 1 أبريل 2024 - 7:15 م

جدير بالذكر ــ ووفقًا لموقع الجزيرة الإخبارى ــ أن الآراء تختلف بشأن تسمية هذا البروتوكول العسكرى باسم «هانيبال»، وبشأن من صاغ المصطلح تحديدًا. فهناك من يرى أن المصطلح يطلق على الطريقة التى أنهى بها قائد قرطاج التاريخى «حنبعل برقا» حياته، حين اختار تسميم نفسه بدلًا من الوقوع أسيرا فى أيدى الرومان.
فى حين يرى آخرون أن اسم النظام ــ الذى ظل سرًا عسكريًا حتى عام 2006ــ تم اختياره عشوائيًا من قبل جهاز حاسوب تابع لجيش الاحتلال قبل نحو 3 عقود، وتم تطويره بواسطة 3 من كبار ضباط الجيش.
ويعتبر الجيش الإسرائيلى، الوحيد الذى يستخدم هذا الإجراء فى العالم، رغم الانتقادات الداخلية المتكررة التى تطاله، وترى أنه لا يوفر الحماية لقواته فى الميدان.
قبل 30 عامًا، شارك الجنرال نيتسان إيلون الذى كان، حينها، ضابطًا فى «سييرت متكال»، فى الحملة العسكرية الفاشلة لتحرير الجندى المخطوف نحشون فاكسمان. حينها، قُتل فاكسمان. مؤخرًا، كان الجنرال إيلون فى قطر جزءًا من طاقم المفاوضات مع «حماس». فأيّ درس تعلّمه من الليلة الخريفية نفسها فى أكتوبر: هل المفاوضات أفضل من تحرير الرهائن بالقوة، أم يجب أن نأمل بموتهم كى لا يكونوا ورقة مقايضة؟
فكرة جندى ميت أفضل من جندى مخطوف، لم تولد مع فشل عملية تحرير فاكسمان. لقد وُلدت قبل ذلك مع عملية تحرير 1151 حمساويًا فى مقابل 3 جنود فى صفقة أحمد جبريل. حينها، تبين أن كل موضوع تبادُل للأسرى هو ثمن ثقيل، متعب ولا يستحق، ويجب أن يكون هناك طريقة لتخطيه. هكذا وُلد «إجراء هانيبال» (سنة 1986)، إذ إنه من الأفضل قتل المخطوف، وعدم التورط بتحريره، ومع كل أوجاع الرأس المرتبطة بذلك. بما معناه، إطلاق النار على الخاطفين «حتى لو كان الثمن إصابة جنودنا«.
لم يعتقد أحد أن هذا الإجراء أخلاقى، أو قانونى، والتغييرات التى مرت عليه تعكس هذه الترددات. إلا أن التغييرات لم تهدف إلى إلغاء الإجراء، إنما إلى طمس وجوده. فبعد أكتوبر 2010، تم تغيير الإجراء، بحيث يمنع عمليات الإنقاذ التى يمكن أن «تؤدى باحتمالات عالية إلى موت الرهينة»، لكنه تغير مرة أُخرى: «إيقاف عناصر حماس بأى ثمن»، حتى لو كان الرهائن معهم أيضًا. والمقصود بأى «ثمن» هو السكان المدنيون أيضًا.
«هذه المعضلة مفجعة»، هذا ما قاله رئيس مجلس الأمن القومى تسحى هنغبى، تعليقًا على سؤال عما إذا كان الجنود سيطلقون النار على السنوار حتى لو كان محاطًا بالرهائن. ألم يكن هنغبى يعلم بأنه لا يجب إطلاق النار على مَن يخطف رهائن؟ فعندما يدور الحديث حول سكان مدنيين، لا فرق بين التخلى عنهم وقتلهم. حل هذه المعضلة كان بتفعيل إجراء هانيبال من دون إطلاق أى رصاصة: المماطلة فى المفاوضات، وعدم اتخاذ القرارات، والتجاهل، وتركهم أطول وقت ممكن فى الأنفاق، وعمليًا، الحكم عليهم بالموت.
كان لدى الضابط زونشين حل آخر. الضابط بار زونشين قاتل عناصر حماس ببطولة كبيرة. وأطلق النار أيضًا على مركبات كان يمكن أن يكون فيها رهائن. وتحمّل مسئولية لا يتحملها الأطباء. فالأطباء لن ينهوا حياة شخص مريض، حتى لو علموا بأنه سيموت من الألم، ولن ينتهكوا القانون القائل أنه «من الطبيعى أن الإنسان يريد الاستمرار فى الحياة».
الضابط زونشين لم يتمكن من معرفة ما إذا كانوا يريدون الاستمرار فى الحياة، وقرر عنهم: أطلقتُ النار لأننى أعتقد أن الخطف سيكون أصعب. وأضاف: أنا أعتقد أننى سأقوم بالأمر بالصحيح. بما معناه، أنه لا يتصرف بحسب الإجراءات، ولا الأوامر، إنما بحسب مشاعره الغريزية. هذا ما قاله.
أنا لا أستطيع أن أحكم على زونشين، ولا على الجنرال باراك حيرام الذى قصف المنزل على الخاطفين والرهائن فى بئيرى. مشاعرى لم تحكم يوما على المصائر، لكن مشاعرهم تعكس علاقة هذا المجتمع بحياة الإنسان. إنه مجتمع عنيف يسخر ممن يسقط ــ بما معناه الرهائن والأشخاص النازحون من منازلهم وكل مَن تبقى فى الخلف.
قبل 13 عامًا، دعم الجمهور، فى أغلبيته، «صفقة شاليط»، إذ تم تحرير أكثر من ألف عنصر حمساوى فى مقابل جندى واحد، اليوم أغلبية الجمهور تعارض إعادة عدد مشابه من حماس، فى مقابل 134 رهينة. التضحية من أجل الجماعة تحولت من حق إلى واجب. تشعر عائلات الرهائن بأن عليها التضحية بآلامها، وابتلاع الغضب. لا توجد احتجاجات على مقتل 600 جندى تقريبًا، وأخبار مقتل الجنود لم تعد تحتل مقدمات النشرات الإخبارية. أمّا موت 30 ألفًا من سكان قطاع غزة وتجويع الآخرين، فمن الواضح أنه لا يتم الحديث فى هذا الشأن قط.
هانيبال لا يزال هنا. إنه معنا. نحن، المتظاهرون، عائلات الرهائن، الأشخاص النازحون ــ جميعنا فى مرمى نتنياهو. سيقوم باغتيالنا من أجل «مصلحتنا». من أجلنا أيضًا «سنحتل رفح وحدنا». ما المقصود بـ«وحدنا»؟ جميعنا، كل مَن يضحى بحياته وحريته فى مقابل جنونه. يبدو أن هذه هى اللحظة التى على رئيس هيئة الأركان، ورئيس الشاباك، ورئيس الموساد، أن ينظر الواحد منهم إلى الآخر ويقول: لا يا سيدى، كفى.

يوسي كلاين
هآارتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات