دلالات مقتل زهران علوش ( 2) - نادر بكار - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 8:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دلالات مقتل زهران علوش ( 2)

نشر فى : الخميس 31 ديسمبر 2015 - 10:10 م | آخر تحديث : الخميس 31 ديسمبر 2015 - 10:10 م

روسيا ــ كما ذكرنا ــ استفادت من وجود داعش ذريعة مناسبة لفرض وجودها العسكرى فى سوريا، بسطا للنفوذ خارج رقعة الدب الروسى التقليدية، التى ماعادت تسعه فى ولاية بوتين.
هذا بالإضافة إلى التعمية على تدهور اقتصادى داخلى حاد، باختلاق جبهات خارجية تستدعى فيها نعرة زائفة للتفوق الروسى، تشغل المواطن عن حقيقة وضع البلاد المتردى.
أما عن المستفيدين بشكل غير مباشر من وجود «داعش» فيصعب حصرهم؛ ولا يمكن استثناء أطراف عديدة من المعسكر الغربى من هذه القائمة.. «داعش» تمثل لهذه الأطراف صورة «نمطية» مثالية سيقتات عليها كتاب ومفكرون وموجهو رأى وصانعو قرار لتعميم بشاعة جرائمها على كل ما يمت للإسلام بصلة.. الصورة النمطية ستقدم للمواطن الغربى العادى على أنها جوهر الإسلام وحقيقته.
وهناك من صانعى القرار الغربى من يريد لداعش أن تستمر فى التواجد ــ المحسوب بدقة ــ لأطول فترة ممكنة لتجذب إليها أكبر عدد ممكن من الشباب المسلم المتشنج لقضية مختلقة مفبركة.. نظرية تشبه استخدام قطعة السكر لجذب مجتمع كامل من النمل حولها.. سحق هذا المجتمع بعد ذلك ليس خيارا مطروحا عند هؤلاء الساسة بل العكس هو الصحيح.. سيتركون النمل يتناحر مع مجتمعات تحيط به أو سيتركونه ينخر فى مجتمعه نفسه.. مع تدخل محدود بين الحين والآخر لضمان استدامة الفوضى.
الاستفادة اقتصادية أيضا من إطالة أمد الصراع، فالنفط الذى تسرقه «داعش» يتشارك الجميع فى اقتسامه بأقل من نصف ثمن البرميل عالميا، لا فارق فى ذلك بين روسيا وتركيا والمعسكر الغربى، بل وربما بعض العرب أيضا.
مبيعات السلاح من الخفيف إلى حاملات الطائرات ما كانت لتتضاعف لولا «داعش» أيضا.. واستمرار داعش يعنى تضاعف الأرباح.. وأضف إليها تهريب الآثار والإتجار بالبشر، إلى آخر قائمة طويلة من استنزاف منطقتنا حتى آخر قطرة.
حتى ملف اللائجين الذى تظهر أوروبا تبرما منه، تبدو استفادة الأوروبيين منه أضخم بكثير من تكلفته؛ وقد ذكرت ذلك بنوع من التفصيل فى موضع سابق.
ما علاقة كل هذا بقتل زهران علوش، قائد فصيل جيش الإسلام السورى المعارض؟. فى الحقيقة، يمثل زهران ــ رحمه الله ــ وكل من انضم إليه، وكل من تبقى، يحمل نفس الفكر معكرا لصفو كل هؤلاء الذين ذكرنا.. هذه الأطياف المختلفة المتصارعة بالوكالة على أرضنا، لا تريد نموذجا للمقاومة إلا داعش، ولا نظاما للحكم إلا الأسد.
كل من سيبدى انتماء لأهل السنة مع رجاحة عقل وتفهم للواقع وإظهار للمعانى الحقيقية لهذا الدين فى الحرب والسلم وفى الوقت نفسه لديه رؤية لسوريا ما بعد الحرب مجتمعا حديثا يقبل كل أطيافه ولا يلفظ منهم أحدا ويرفض هيمنة شرقية أو غربية فمصيره عند أغلب الأطراف المتناحرة لابد أن يكون مصير زهران علوش.
كل من سيواجه «داعش» مواجهة فكرية وعسكرية ولا يتخلى فى الوقت ذاته عن هويته الأصيلة وعن تمسكه بثوابت الإسلام ثم هو يبدى فى الوقت نفسه أعلى درجات المرونة السياسية ويتنازل عن أى مكسب مادى أو معنوى فى سبيل الوصول إلى حل يحفظ على أهل سوريا بلادهم من التمزق، يكون مصيره عند كل هؤلاء مصير زهران علوش.