هل في البيت الأبيض قرآن؟! - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 2:12 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل في البيت الأبيض قرآن؟!

نشر فى : الأحد 31 مايو 2009 - 10:01 م | آخر تحديث : الأحد 31 مايو 2009 - 10:01 م

 يجىء السيد أوباما إلى القاهرة وهو يحمل أفكاره الكاملة تجاه العالم الإسلامى.. يجىء إلينا ونحن لا نملك أية أفكار تجاه الولايات المتحدة.. يجىء إلينا ليقول لنا كيف يرانا وماذا سيفعل، بينما نحن لا نملك من أمرنا شيئا.. يجىء أوباما ليكمل ما تراه أمريكا والغرب لبلاد تدين بدين الإرهاب، بينما نحن فى حالة استسلام كامل لفكرة أننا إرهابيون حتى لو حاول البعض قول عكس ذلك.

الإسلام كدين، دخل كمكون أساسى فى منظومة التفكير الإستراتيجى الأمريكى مساء يوم 11 سبتمبر 2001، ومن ليلتها ودخلنا نحن وديننا الإسلامى ــ للأسف ــ قفص الاتهام الدائم.. وربما لهذا يجىء أوباما، وربما لهذا يوجه خطابه للعالم الإسلامى ليؤكد أن بلاده مستمرة فى الحرب ضد الإرهاب، سواء كان هذا الإرهاب فى أفغانستان وباكستان.. أو فى العراق وفلسطين.. المهم أنه إرهاب ويهدد مصالح أمريكا وحلفائها.. حتى إيران.. إرهابية لأنها إسلامية!

يجىء أوباما للقاهرة ونحن لا نفكر فى ماذا سيقول لنا، وماذا سنفعل فى مواجهة أفكاره.. فقط نخاف ونخشى أن يواجهنا بالاستبداد الذى نعيش فيه، أو الديمقراطية التى غابت عن حياتنا.. يجىء أوباما ونخاف من أن يلتقى بمعارضين مصريين أو أن يوجه اللوم للنظام لما يفعله بمعارضيه.. بينما نلغى تماما من أفكارنا فكرة تصحيح الرؤية الخاطئة التى يتبناها البيت الأبيض تجاه الإسلام وتجاه العالم الإسلامى.. وهى الرؤية التى ذهبت بالجيوش إلى أفغانستان والعراق.. ولا تعترف بحماس وتهاجم إيران كلما أتيحت الفرصة.

الرؤية الأمريكية تجاه العالم الإسلامى وتجاه عقيدته الدينية.. رؤية عنيفة ومتعسفة.. رؤية تشكلت مع ضرب برجى التجارة.. حتى إنه مع صباح اليوم التالى بدأ الأمريكان فى شراء نسخ القرآن الكريم المترجمة بحثا عن نصوص دفعت هؤلاء الشبان لضرب أمريكا والأمريكان.. وقتها لم نفعل أى شىء لتصحيح هذه الرؤية الغريبة.. بل العقلاء منا شعروا بالذنب تجاه ما فعله البعض منا.. بينما راح المجانين يمارسون الفرح الهستيرى بالانتقام من الأمريكان الذين ضربوا العراق ويؤيدون إسرائىل فى ضرب الفلسطينيين.. بينما ظل الإسلام نفسه على لائحة الاتهام فى العقل السياسى الأمريكى، وللأسف حتى هذه اللحظة.

وقتها.. لم يخرج أحد يقول للأمريكان لا تفتشوا فى القرآن الكريم فهو كتاب السماحة والحق.. بل فتشوا فيما تفعلونه من مظالم فى أرجاء العالم.. فتشوا فى جرائمكم التى لا تنتهى.. فتشوا فى دفاتركم ماذا فعلتم بفلسطين وبالفلسطينيين.. وماذا تفعلون حتى الآن.. وقتها لم يقل أحد من العالم الإسلامى إن الدين برىء.. وإن القرآن لا علاقة له بما حدث.. بل ولم يقم أحد من العالم الإسلامى بشراء الإنجيل ليفهم لماذا يعاملنا الأمريكان بهذه الوحشية.. لأننا نفهم أن الأديان جاءت لإقامة السلام والعدل.. لا للإرهاب والعدوان.. وأن ما حدث صباح 11 سبتمبر 2001 حدث كرد فعل للكثير من الإهاب الذى مارسته أمريكا وحلفاؤها ضد بشر يدينون بالإسلام.

يجىء السيد أوباما إلى القاهرة وهو لا يذكر أن هذا الإرهاب الذى ضرب برجى التجارة هو من صنعهم فى أفغانستان وما قبل أفغانستان.. وقت أن طلبت أمريكا من الإسلام أن يحمل السلاح ضد السوفييت «الملاحدة» فى إطار مخططاته أثناء الحرب الباردة..

وقتها كانت أمريكا تدعم هؤلاء الشباب وتشجعهم على حمل السلاح وتدفع أصدقاءها فى المنطقة لتدعيم أفكار «الجهاد».. وحينما ارتد السلاح «والجهاد» لصدرها.. قالوا إن هذا إرهاب وفتشوا فى القرآن عن الأسباب التى دفعت هؤلاء الشبان لضرب المدنيين الآمنين.. باعتبار أن الأمريكان فقط هم المدنيون الآمنون.. وكل العرب وكل المسلمين جيوش يمكن ضربها ومهاجمتها فى أى وقت من دون أى حماية من القانون الدولى الإنسانى.

أذكر حينما اقترب كلينتون من مائدة معاهدة سلام بين الإسرائيلين والفلسطينين فيما عرف بكامب ديفيد الثانية.. وعندما بدأ يراجع خطابه الذى سيلقيه صباح اليوم التالى سأل: هل فى البيت الأبيض قرآن! حتى يستطيع أن يشير إليه فى خطابه باعتباره الكتاب الذى يدعو للسلام..

الآن أتمنى أن يكون فى البيت الأبيض قرآن حتى يعرف أوباما إلى أى عالم هو قادم.. وإلى أى شعوب سيتحدث.. لأننا أمة القرآن التى تحب السلام.

ولو أن السيد أوباما وإدارته عرفت ماذا فى هذا الكتاب، فلن يفتش فيه عن الإرهاب مثلما حدث مساء 11 سبتمبر 2001، بل سيفتش كيف سنتعاون معا من أجل السلام وتحقيق العدل.. وأعتقد أنه من السهل على السيد أوباما أن يعرف تماما الفرق بين كتاب الله السمح.. وكتب السياسة البغيضة والمصالح الرخيصة التى تتبناها إدارة بلاده وحلفاؤه.. والمكاسب التى تبحث عنها شركاته ولا ترى فينا سوى أسواق وعبيد وفئران تجارب.

أتمنى أن يكون كلينتون قد ترك نسخة من القرآن فى البيت الأبيض.. وأتمنى أن يكون السيد أوباما قد قرأه..

وأتمنى أن نكون نحن عند حسن ظن هذا الكتاب الكريم الذى يخاطبنا طوال الوقت باعتبارنا أصحاب العقول.. أفلا نعقل؟!.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات