حضرة القاضى.. امرأة - غادة عبد العال - بوابة الشروق
الثلاثاء 14 مايو 2024 6:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حضرة القاضى.. امرأة

نشر فى : الأحد 28 فبراير 2010 - 9:56 ص | آخر تحديث : الأحد 28 فبراير 2010 - 9:56 ص

تجلس الدكتورة (منى) على المنصة متحفزة... يبدأ وكيل النيابة فى سرد لائحة الاتهامات ويطالب بأقصى العقوبة، فيبدأ المتهم فى البكاء فتقوم الدكتورة (منى) صارخة: «.. كفاية بأه حرام عليك.. إنت إيه، ماعندكش إخوات صبيان؟»..

الواد أبوعيون كحيلة اللى شبه (حماقى) ده لا يمكن يعمل كده أبدا.. حكمت المحكمة حضوريا ببراءة المتهم.. الدكتورة (دولت) فى القاعة المجاورة كانت تجفف دموعها وهى تستمع لسيدة جاءت لترفع قضية طلاق على زوجها لأن المجرم السافل المنحط بيشخر وهو نايم.. نزلت لتحتضن السيدة بقوة قبل أن تلتفت إلى المتهم لتحدثه من بين شحتفتها.. والله ما تستاهل ضفرها.. حكمت المحكمة حضوريا على المتهم بالإعدام شنقا..

فى القاعة الثالثة كانت الدكتورة (منال) تنظر فى ساعتها فقد أطال محامى الدفاع مرافعته بشكل لا يطاق لكنه اضطر أن يقطعها حين وقفت سيادة القاضية وتناولت شنطتها والتفتت لأحد المستشارين قائلة فى حسم: «كمل إنت بأه يا دكتور (توفيق) عشان أنا باخد ساعة رضاعة»..

القاعة الأخيرة كانت تجلس فيها الدكتورة (نحمده) تفرط 2 كيلو بسلة، أمامها كان متهم فى الثامنة عشرة من عمره.. كان وكيل النيابة فى منتصف خطبة عصماء وصل فيها إلى ذروة حماسته حين قاطعته.. والنبى يا أستاذ ماتخرطش على قلبى بصل أنا دماغى مش فايقه للكلام ده.. تلتفت للمتهم.. إنت يا واد.. هتعمل كده تانى؟.. يحرك المتهم رأسه نفيا فتنظر لوكيل النيابة فى ملل.. أهه.. مش هيعمل كده تانى.. لملنا بأه الليلة دى عشان ألحق أروح أعمل الغدا لأبوالعيال.

عجبوك الكام سطر اللى فاتوا دول؟ ليه يا أخ؟. أنت فاكر إن اللى بيبقوا قاضيات دول هما هماهم اللى بيطلعوا فى إعلانات مساحيق الغسيل؟.. طب أقولك على فكرة.. تيجى نعكس؟.. الدكتورة (منى) خليها الدكتور (مختار).. أول ما شاف المتهمة بتبكى فى القفص رق قلبه وخاطبته نفسه قائلة: «إيه المزة الجامدة دى؟، دى شكل (هايفا) بالظبط.. لا يمكن تعمل كده.. حكمت المحكمة حضوريا برد الدعوة وبراءة المتهمة»..

الدكتورة (دولت) نخليها الدكتور (صفوت) اللى أول ما شاف المدعية المفترية اللى جاية ترفع قضية طلاق على جوزها إتعفرت لما لقاها الخالق الناطق شبه المدام فأصدر قرار باعتقالها لأنها خطر ع الأمن العام..

الدكتور (توفيق) رفع الجلسة بسرعة عشان يلحق معاد قطره فى المحطة.. كده يرجع البيت ويلحق ماتش الجزائر من أوله..

الدكتور (رضا) ما عجبتوش المدعية اللى مش لابسه حجاب فحكم ببراءة المتهم باغتصابها.. ما هم اللى بيجيبوه لنفسهم. مش معقول مش كده؟..

القضاة دول ناس عاقلين وأحكامهم لا تتأثر بمشاعرهم أو آرائهم أو ظروفهم الشخصية.. القضاء قوانين يحكم على أساسها من يجلس على منصة القضاء وليست له علاقة بالمشاعر الشخصية.. حتى السلطة التقديرية للقاضى ليست مطلقة.. يجوز.. لكن ما يجوز على القاضى يجوز على القاضية وما ينطبق على القضاء ينطبق على أى مجال تانى وأى وظيفة تانية تمنع المرأة من الوصول إليها لمجرد أنها امرأة..

السفيه سفيه والعاقل عاقل.. لا يرتبط الأمر بجنسه رجلا كان أم امرأة.. واللى بيتحجج بالحديث الشريف «ناقصات عقل ودين»، نقول له معاك حق لكن الحقيقة إن نقصان العقل والدين شىء نسبى ممكن جدا تلاقى امرأة أكمل عقلا من الرجل وأعظم دينا منه..

واللى بيتحجج بأن المرأة بتحصل على إجازات وضع ورضاعة نقول له ممكن نحل الموضوع ده بأن تلتزم من تريد أن تخوض مجال معين بألا تتعدى إجازاتها الحد المسموح به للرجل.. واللى خايف على الستات من التعب.. نقوله ميرسى.. بس إحنا مبسوطين كده..

أما من كان من قناعاته الشخصية ضرورة التمييز ضد النساء ليشعر بتفوقه وقوته وأنه راجل من ضهر راجل.. فنقول له.. ربنا يهدى.. بس هييجى يوم ومش هيبقالك مكان هنا.. المجتمع تقبل السفيرة والوزيرة فما المانع من أن يتقبل المجتمع بأن تكون حضرة القاضى امرأة؟.. مش عافية.. لكن لأن هو ده الوضع الصحيح..

التحاق شخص ما بوظيفة ما يجب أن يكون بسبب جدارة هذا الشخص ولا يجب أن يكون من مسوغات تعيينه كشف للجينات واختبار لتحديد الجنس.. هو ده الصح وهو ده اللى هيحصل آجلا أو عاجلا.. والأيام بيننا.

التعليقات