عيش.. حرية.. طبق مهلبية - غادة عبد العال - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عيش.. حرية.. طبق مهلبية

نشر فى : الثلاثاء 26 نوفمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 26 نوفمبر 2013 - 8:00 ص

أطباق «الكيك» و«المربى» وأحيانا «المحشى» بتلف عمارتنا فى الشهر مرات ومرات، وكل طبق زى ما جه مليان، لازم طبعا يرجع مليان. وعلى الرغم من أن الموضوع متعب، لكن الدفء اللى بيتخلل خلاياك مع كل قطمة، ليس له مثيل، كل ده تغير طبعا بعد الثورة.

من حسن حظى (أو من سوئه) إنى بعيش فى مدينة لاتزال تحتفظ بأصول وتقاليد مصرية عتيقة، لسه لما بيبقى عند حد مناسبة سعيدة زى خطوبة أو فرح بيعلقوا أنوار على البلكونات، ويسببوا للمنطقة كلها صداع نصفى بدى جيه مزود بـ٨ــ٩ سماعات، لسه لما بينجح حد فى ثانوية عامة أهله بيسقوا الشارع كله حاجة ساقعة أو يوزعوا شكولاتات، لسه لما بيتولد مولود بيخبوا جنسه إذا كان ولد، ويقولوا عليه ولد إذا كان بنت عشان يكيدوا الأعادى، لسه بيبعتوا لبعض أطباق الكحك فى العيد الصغير ويهادوا بعض باللحمة فى العيد الكبير، ولسه لما حد بيعمل حاجة حلوة بيحب يدوق منها الجيران... أطباق «الكيك» و«المربى» وأحيانا «المحشى» و«المكرونات» بتلف عمارتنا فى الشهر مرات ومرات، وكل طبق زى ما جه مليان، لازم طبعا يرجع مليان، وعلى الرغم من إن الموضوع متعب جسديا واقتصاديا، لكن الدفء اللى بيتخلل خلاياك مع كل قطمة من كل طبق، ليس لها أى مثيل، كل ده تغير طبعا بعد الثورة.

فى أول أيام ثورة ٢٥ يناير، حركة الأطباق الطائرة كانت بتتفادى بحرص طنط «سهير» وطنط «جيهان»، اللى من المعروف فى المنطقة إنهم ضد الثورة ومن أبناء «مبارك». وعلى يوم ٢٨ خرجت طنط «فاطمة» من خريطة هبوط الأطباق لأن ولادها الاتنين ظباط شرطة. وأيام محمد محمود، حرمت طنط «سعاد» من تذوق خيرات بقية العمارة عشان ابن عمها كان شغال فى الجيش. أما حاليا فالمقاطعة هى السلاح الرادع اللى بيمنع أطباق المهلبية تهوب ناحية باب شقة طنط «أمينة» اللى لازقة صورة صوابع رابعة على باب شقتها، واللى خلت العتبة اللى قدامها منطقة حظر تجول لأى من الطنطات وأطباقهم العامرة. النظام الغذائى لعمارتنا اتدمر، وكذلك علاقات كتير فى طول البلاد وعرضها، صداقة وارتباط وعمل وود وحب... علاقات كلها اتشرخت بسبب انتماء سياسى، أصلا ماحدش فاهم قوى معناه إيه، أد إيه احنا بنأكد كل يوم مقولة عمر سليمان «بط هوين»؟! أد إيه إحنا لسه بدرى علينا قوى لما نحترم بعض رغم اختلافاتنا السياسية.

كنت ومازلت من المؤمنين بالثورة، الرغبة فى غد أفضل، حلم التغيير، صوت الجماهير اللى لازم يسمعه من أدمنوا الجلوس فى بلكونات أبراجهم العاجية يبصوا علينا من فوق، وكأننا حفنة من النمل، بدون ما يشغلوا بالهم بمتاعبنا وآلامنا وحقوقنا الضايعة، لكن بينى وبينك كنت أتمنى إن ثورة ٢٥ يناير تحصل عام ٢٠٢١ بدلا من ٢٠١١، وإننا نستغل الـ١٠ سنين اللى بين التاريخين للتوعية والتأسيس لشعب لا يفسد الود ما بين أفراده اختلاف فى انتماء سياسى أو رأى، ولا يدمر عاداته وتقاليده الدافية ثورة ولا مظاهرة ولا اعتصام، فكل دى مظاهر طارئة، ويظل الباقى دايما هو احنا، هو الإنسان.

التعليقات