الجمهورية الملكية - خالد الخميسي - بوابة الشروق
الخميس 16 مايو 2024 9:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجمهورية الملكية

نشر فى : الأحد 27 سبتمبر 2009 - 10:07 ص | آخر تحديث : الأحد 27 سبتمبر 2009 - 10:07 ص

 فى حوار أجراه «امبا أوبام» أحد المرشحين السابقين لرئاسة جمهورية الجابون خلفا لعمر بونجو ونشرته جريدة الليبراسيون الفرنسية هذا الأسبوع قال ملخصا الوضع فى بلاده بعد انتخاب «على بونجو» رئيسا للجمهورية خلفا لوالده عمر بونجو: «نحن نجلس الآن على قنبلة موقوتة». ومن الجدير بالذكر أن عمر بونجو الذى توفى فى يونيو الماضى قد رأس جمهورية الجابون لمدة واحد وأربعين عاما. وقد قام أمبا أوبام مع ثمانية مرشحين آخرين برفع قضية فى المحكمة الدستورية لإلغاء نتيجة الانتخابات متهمين على بونجو بتزوير نتائجها. وأكد أوبام أن فرنسا قد لعبت دورا حقيرا فيما يحدث الآن على الساحة السياسية فى الجابون بدواعى الاستقرار السياسى.

ومن وجهة نظره فإن ما حدث من تزوير وبرضاء دولة كبيرة كفرنسا سوف تكون عواقبه وخيمة مذكرا بتجربة الكوت ديفوار. وكان نتيجة لهذا الحوار أن تلقيت أثناء جولتى الحالية فى فرنسا (بمناسبة ترجمة كتابى «تاكسى» إلى اللغة الفرنسية) عشرات الأسئلة حول هذه الجمهوريات الملكية التى باتت تنتشر فى العالم. فعائلة الأسد فى سوريا وبونجو فى الجابون وعائلة كاسترو فى كوبا، وبالطبع أسئلة حول عائلة مبارك وتحضيرات توريث الحكم فى مصر والإشاعات حول عائلة القذافى وتوريث الحكم فى ليبيا، إلى آخره من العائلات الجمهورية فى العالم. كما تلقيت أسئلة عديدة حول هذه النظم الديكتاتورية القمعية وكيف بدأت تسمح بهامش من حرية التعبير فى صحافتها وهل تعد هذه الجمهوريات الملكية اليمينية تطورا للدول القمعية الاشتراكية المعهودة؟

ثم تساءل كثير ممن قابلتهم فى الندوات التى أقمتها هنا فى فرنسا حول مستقبل الديمقراطية فى العالم وحتى فى الغرب. ففى إيطاليا قام بيرلسكونى بإجراءات قمعية ضد صحفيين إيطاليين تجرءوا وقاموا بانتقاد سياسته بعنف فى سابقة خطيرة ضد حرية الرأى فى أوروبا، فى حين يستمر بيرلسكونى فى السيطرة بشراء الإعلام الإيطالى للتحكم فى أصوات الناخبين الإيطاليين. ومنذ أيام بدأت فى فرنسا قضية العام وهى قضية «كليرستريم» الذى يجلس فيها داخل مقعد الإدعاء رئيس الجمهورية الحالى «نيكولا ساركوزى» ويجلس فى مقعد الاتهام « دومينيك دوفيلبان» رئيس الوزراء الفرنسى الأسبق فى سابقة هى أيضا خطيرة وتعكس الانقسام الكبير داخل اليمين الفرنسى. وقضية كليرستريم بدأت أحداثها فى بداية عام 2004 عندما اطلع دوفيلبان وزير الخارجية الفرنسى آنذاك على قائمة تضم أسماء متورطة فى قضايا فساد ومن ضمن هذه الأسماء نيكولا ساركوزى، وهى القائمة التى أطلق عليها قائمة «كليرستريم». وفى خلال فترة قصيرة تم التأكد أن هذه الأسماء غير حقيقية وأن الأمر برمته تم فبركته، ومن المرجح أن الشخص الذى فبرك هذه القائمة هو سمسار يدعى عماد لحود كان قد سبق اتهامه فى قضية مماثلة. ويتهم ساركوزى دى فيلبان أنه أساء استعمال هذه القائمة لتلطيخ سمعته والتخلص منه. هذا العداء المقيم بين الرجلين يقسم اليمين الفرنسى، ويقابله عداء بين شخصيتين فى الحزب الاشتراكى الفرنسى وهما «سيجولين روايال» المرشحة السابقة لرئاسة الجمهورية الفرنسية و«مارتين أوبرى» رئيسة الحزب الاشتراكى، ويمر الحزب الاشتراكى الفرنسى بحقبة من أسوأ حقبه.

علامات استفهام كثيرة من منطلق المفاهيم الغربية بالطبع حول الديمقراطية ومستقبلها تهدد بالفعل استقرار الدول الديمقراطية فى المستقبل القريب.. فالناخب الفرنسى أصبح فى وضع أشبه بحالتنا غير متحمس وسط كل هذه الانقسامات بالإدلاء بصوته فى العملية الانتخابية.

جمهوريات الملكية فى دولنا المتخلفة من ناحية وأزمة الديمقراطية فى الدول المتقدمة من ناحية أخرى يطرحان التساؤل حول مستقبل النظم السياسية فى الخمسين عاما المقبلة، مع كل الاحترام للفارق الشاسع بين دول الشمال ودول الجنوب. ولكن يظل السؤال الأكبر الذى لم أجد إجابة له هو: إلى أى مدى سوف تنتشر الجمهوريات الملكية فى العالم المتخلف؟

خالد الخميسي  كاتب مصري