أنا مسرى والنايل is ماى blood - خالد الخميسي - بوابة الشروق
الخميس 16 مايو 2024 8:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أنا مسرى والنايل is ماى blood

نشر فى : الأحد 26 سبتمبر 2010 - 9:38 ص | آخر تحديث : الأحد 26 سبتمبر 2010 - 9:38 ص

 حضرت فى الأسبوع الماضى أمسية فى ساقية الصاوى بالزمالك بمناسبة الاحتفال بمبادرة «السلام ليوم واحد». وهو مشروع تم بمبادرة من المخرج الانجليزى جيرمى جيلى فى عام ٢٠٠١، ويهدف المشروع، حسب قول مؤسسة توثيق الجهود من أجل تعيين يوم عالمى سنوى لوقف إطلاق النار ونبذ أعمال العنف فى تاريخ محدد. وقد صدقت كل الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة بالإجماع على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام 2001 بتعيين يوم سنوى عالمى رسمى لوقف إطلاق النار ونبذ العنف فى موعد عالمى محدد وهو يوم 21 سبتمبر. كان الحضور فى أمسية ساقية الصاوى كثيفا. الحضور كله من الشباب فى المرحلة العمرية من منتصف العقد الثانى إلى بدايات العشرينيات عدا عددا يعد على أصابع اليد الواحدة لمن تخطوا الخامسة والعشرين من العمر. بدأ العرض باسكتشات مسرحية ثم تحدث إلى الحضور شاب من منظمى الحفل وبدأ حوارا مع الجمهور عن السلام. ثم عرضوا فيلما تسجيليا عن فكرة السلام ليوم واحد. وأخيرا ووسط تصفيق الجميع صعدت إلى المسرح فرقة الزبالين.

ما راعنى وجعلنى أكتب اليوم عن انطباعاتى، هو استماعى من جميع الحضور إلى لغة جديدة ليست بالعربية تماما ولا بالعامية المصرية ولا بالانجليزية وانما هى لغة هجين من كل هذه اللغات ولكن الانجليزية فيها هى الغالبة بنطقها الامريكى. أما عن نطق الحروف العربية ومخارج الألفاظ فكانت غريبة الوقع أيضا على الأذن. ف«أنا مصرى» على سبيل المثال تنطق «أنا مسرى» مع مياعة فى نطق حرف الميم والتشديد على حرف السين. أما غناء الفرقة الشبابية فجاء معظمه باللغة الانجليزية مع بعض المقاطع بالمصرية. أنا هنا لا أقصد على الاطلاق الإساءة لهؤلاء الشباب أو السخرية منهم بأى حال من الأحوال وإنما التفكير كيف وصل بهم الأمر إلى الحديث بلغة أجنبية وبهذا الأداء اللغوى الركيك عندما ينطقون بالمصرية.

بداية أنا لا أتحدث عن ضياع اللغة العربية وهو موضوع شديد الأهمية وإنما عن استخدام أغنياء مصر للغة حوار جديدة مختلفة تماما عن المصرية التى يعرفها جيلى. ثانيا: دعونا لا نتحدث عن الجهود الحكومية الرامية إلى تفعيل استخدام اللغة العربية ووضع الرؤساء العرب هذه القضية على جدول أعمال لقاء القمة الذى جمعهم العام الماضى لأن كلامهم ببساطة أصبح كلام جرائد وكلام الجرائد بات أكثر أهمية من حديثهم. ثالثا: لا يمكننى إنكار أن ظاهرة تمسح الشرائح العليا من المجتمع المصرى بالثقافات الأجنبية واستعمالهم فى حديثهم للغات أجنبية هى ظاهرة قديمة، يمكن إرجاعها إلى منتصف القرن التاسع عشر. فمن شرائح اجتماعية عليا تتحدث التركية وتعتبر العربية لغة فلاحين، إلى شرائح اجتماعية تتحدث الفرنسية أو الانجليزية وتعتبر اللغة العربية أدنى فى مستواها من هذه اللغات عبر القرن العشرين. إذن فظاهرة فقدان أغنياء مصر لهويتهم ولغتهم ليست بالظاهرة الجديدة. ولكن ما نعيشه اليوم يعد صفحة جديدة أشد تركيبا وأكثر تعقيدا مما عرفناه خلال القرن والنصف الماضى والأمر يدعو إلى القلق العميق نتيجة للتغيرات الجذرية فى تركيبة علاقات الكون وثورة المعلوماتية. رابعا: ربط تدهور استخدام اللغة المصرية فى الحياة اليومية بتدهور التعليم فقط هو أمر غير حقيقى فالمسألة هذه المرة تدخل فيها اعتبارات كثيرة.

لابد أن يقوم المتخصصون فى علم الاجتماع وعلم اللغة بدراسة هذه اللغة الجديدة النابعة من مفردات الكمبيوتر والانترنت والرسائل الهاتفية والانجليزية وبعض من الكلمات المصرية. لابد أن ندرس الآن ما يحدث من تغيرات فى تركيبات لغة الحوار لدى شرائح اجتماعية من المجتمع المصرى. لابد أن نفهم ولو فهمنا يمكننا أن نتحرك.

خالد الخميسي  كاتب مصري