لو! - غادة عبد العال - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 10:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لو!

نشر فى : الخميس 24 ديسمبر 2009 - 9:26 ص | آخر تحديث : الخميس 24 ديسمبر 2009 - 9:27 ص

 كنا فى طفولتنا نضجر من أى عمل يتطلب منا أى مجهود بعيدا عن اللعب.. كنا نحاول أن نفلت من القيام بواجباتنا.. واجبات مدرسية.. واجبات منزلية.. تنظيف حجرتنا، الاعتناء بملابسنا.. أى شىء يتطلب منا مجهودا، كنا نتفنن فى الهروب منه بأى طريقة.. ولم يكن يسعدنا شىء فى الحياة أكثر من الهدايا المجانية والأعمال التى يقوم عنا بها الآخرون..

وكبرنا وأصبحنا أشخاصا مسئولين، لكن رغبتنا فى الهدايا المجانية والإفلات من الأعمال التى تتطلب منا أى مجهود مازالت تسيطر علينا. وهذه الأيام يبدو أن الهدية المجانية التى يرغب فيها الكثيرون منا هى التغيير مربوطا بشريط أنيق فى علبة مغلفة ودون أن نبذل معه أى مجهود.

شاهدنا جميعا، مع انطلاق الدعوات الشعبية المطالبة بترشيح الدكتور البرادعى لانتخابات الرئاسة القادمة، أن الدنيا قامت ولم تقعد.. مقالات مكرسة بالكامل لسب الرجل والتشكيك فى شخصه بل والادعاء أنه ربما كان خلف هزيمتنا فى أم درمان.. أقلام كانت منذ أشهر قليلة ترفع الرجل وسمعته إلى عنان السماء، اكتشفت فجأة أنه السبب الرئيسى فى ازدياد شعبية تامر حسنى.. اكتشف البعض فجأة أنه ربما كان عميلا أو فاشلا أو مزدوج الجنسية أو ماكانش بيشرب اللبن كل يوم الصبح.. عدد من المقالات قمة فى الكوميديا من كثرة احتوائها على مغالطات.. لكن بالنسبة للآخرين هو قامة وقيمة يشهد لها العالم..رجل نجح فى إدارة منظمة دولية كبرى، واجه الضغوط الأمريكية والإسرائيلية بالقانون، بعيدا عن الصياح الفارغ أو النواح المهين..

وبين التيارين اشتدت المعركة وعلى أثرها خرج الرجل ليرمى الكرة فى ملعب الشعب بحرفنة بعبارة بسيطة وعميقة ومستحيلة فى نفس ذات الوقت: «أنا سأقف مع الشعب «لو» قرر أن يبدأ نضاله من أجل التغيير» وكلمة السر هى «لو». بعيدا عن الدفاع أو الهجوم على البرادعى أو غيره.. وبعيدا عن الحديث عن الانتخابات والمرشحين.. هو الشعب المصرى يقدر يعمل حاجة أصلا؟

.. يقدر يغير أى شىء.. والسؤال الأهم: هو عايز يغير أى شىء؟.. الشعب المصرى «لو» عايز يغير حاجة، كان غير حاجات كتير ومن زمان قوى.. كان غير الدستور.. كان وقف فى وش الفساد..كان قضى على الوسايط..كان وقف ضد الغش.. كان بطل يرمى زبالة فى الشارع وبعدها يشتكى إن البلد مابتنضفش.. كان بطل يشترى لأولاده الامتحانات بإجاباتها وبعدها يصرخ إن التعليم باظ.. كان بطل يحط المعلوم فى درج موظف غير نظيف وبعدها يكتئب من انتشار الرشاوى.. كان بطل يكذب..كان بطل يخدع.. كان بطل يتحرش.. كان بطل يثور على الفاضى وينسى المليان.. والدليل حاجة بسيطة جدا.. خد عينة من الناس اللى شغلها قوى موضوع ترشح البرادعى سواء ضده أو معاه واسألهم..

«لو» حصل واترشح.. كام واحد فيكم هيروح ينتخبه أو كام واحد فيكم هيروح ينتخب منافسيه.. كام واحد فيكم أساسا عنده بطاقة انتخابية أو يعرف يتستخرجها إزاى.. هتلاقى النتيجة مذهلة وصادمة وتؤكد لك إننا شعب لا تشغله الانتخابات ولا يشغله مرشحوها ولا يشغله مستقبله بأى حال من الأحوال..لا يشغله إلا حاضره فقط.. ترضيه عيشة مرة ارتضاها ويرفض أن يتخلى عنها حتى مع شكواه الدائمة منها..لأن تخليه عنها يعنى أنه «مضطر» إلى أن يعمل لتغييرها وهو ما لا يقدر عليه.. أنا مش من تيار السوداويين.. لكن مش منطقى إننا كشعب نفضل نشتكى من واقع مر وحياة قاسية، ومع ذلك نرفض كل الرفض رفع إصبع واحد لتغييرها..بعيدا عن السياسة ومرشحيها..هل إحنا شعب كسول؟.. هل دى حاجة فى جيناتنا..طب هل نمتلك القدرة على الخروج من حالة الكسل دى؟

.. التغيير الاجتماعى مش السياسى.. هل نقدر عليه؟.. هل نقدر نتخلى عن بعض ــ مش هاقول كل ــ مظاهر السلبية اللى إحنا عايشين فيها.. والا هنفضل كده.. راضيين ومعترضين.. عندنا الرغبة فى الصراخ لكن ماعندناش الرغبة فى العمل؟.. رسالة إلى كل دعاة التغيير: ما تراهنوش علينا.. الشعب ده «لو» كان عايز يتغير.. كان اتغير من زمان.. لكن إحنا مش عايزين.. إحنا راضيين ومبسوطين.. شوفوا انتو مصلحتكم وماتتعبوش قلبكم معانا.. «لو» كنا عايزين نتغير.. كنا اتغيرنا من زمان.

التعليقات