ثورة على الأسرار - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 3:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثورة على الأسرار

نشر فى : الإثنين 23 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 23 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

بين صراعات «الهوية» ومعارك «السياسة» ضاعت الكثير من القضايا الهامة فى مصر ولم تلق حظها الكامل من البحث والنقاش والإلحاح على الرأى العام، إذ كانت تنحرف جميع النقاشات إلى مكامن الخلافات والنزاعات، وحتى إذا كانت بعض القضايا بطبيعتها غير سياسية بذل الجميع جهودهم لتطويعها لمجال عراكهم السياسى، وهكذا ذهبت قضايا بالغة الأهمية أدراج الرياح بسبب الصراعات الفارغة التى شهدتها البلاد خلال الشهور الماضية، وفى مقدمة القضايا الحيوية والهامة التى داستها أحداث سياسية رخيصة، قضية حرية تداول المعلومات، التى لا يستشعر الرأى العام بكل فئاته وتنوعاته أهميتها بالنسبة له على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب أهميتها كسبيل حقيقى للشعور بالحرية والمواطنة وإحساسه بانتمائه لهذا البلد، خاصة أننا نعلم أن ثقافة السرية كانت هى الثقافة السائدة لسنوات طويلة، وهى الثقافة التى وفرت غطاء وافرا لكل عمليات الفساد خلال عقود طويلة، وكما يقول الخبراء فى هذا المجال أنه بحجم الأسرار يكون حجم الفساد، وإذا رغبنا حقيقة فى القضاء على الفساد فينبغى علينا أولا أن نقضى على الأسرار، وفى نهاية الأمر فإن حجم الفساد يتناسب طرديا مع حجم الأسرار. 

كان العائق التاريخى أمام حرية تداول المعلومات، محاذير الأمن القومى، فكل شىء ممنوع الإطلاع عليه باعتباره يهدد الأمن القومى، من كميات سمك السردين التى كان يأكلها المصريون فى سنوات الستينيات، إلى وثيقة زواج أنور وجدى وليلى مراد فى سنوات الألفية الجديدة، كما قالت لى الباحثة الجادة خلود خالد من مؤسسة حرية الفكر والتعبير، حينما رفض مسئولو دار الوثائق منحها إياها بدعوى محاذير الأمن القومى، لذا فقد طالبت هى وكثيرون ممن شاركوا فى إعداد مسودات لقانون حرية تداول المعلومات، أن يتم تحديد مفهوم الأمن القومى ونطاقه وطبيعة المعلومات التى تهدده، وبالمناسبة اتفق كل من ساهم فى النقاش فى هذه المسودات على أهمية حماية هذا النوع من المعلومات، كما اتفقوا جميعا على أهمية استقلالية مفوضى المعلومات فى الوزارات والهيئات الحكومية، والذين سيكونون معنيين بالتعامل مع راغبى الحصول على المعلومات، إضافة إلى إجبار الوزارات والهيئات على إتاحة المعلومات بشكل تلقائى ودورى، خاصة فيما يتعلق بالوظائف العامة والمناقصات والمزايدات، وكل ما يتعلق بالمصالح المباشرة للمواطن، ويحقق التساوى بين الجميع من دون تمييز. 

وقد سألت السيد كريستوف ڤيلكه المدير الإقليمى لمنظمة الشفافية الدولية، عن التقرير الأخير لمنظمته، والذى أشار إلى سوء وضع مصر فى حرية تداول المعلومات. خاصة أن التقرير أخذ نموذج إتاحة المعلومات فى القطاع الصحى، لكنه فى ذات الوقت كشف عن تفاؤله بمستقبل حرية تداول المعلومات فى مصر بعد إقرار القانون وتطبيقه، وإن لم يمنعه ذلك من إسداء النصيحة لنا بضرورة القيام بثورة فكرية على جميع الأسرار والتى يعتقد أيضا أنها السبب الرئيسى فى استشراء الفساد خلال العهود السابقة، مؤكدا أن المعلومات ضرورة اقتصادية واجتماعية للمواطنين، قبل أن تكون ضرورة للصحفيين والإعلاميين، باعتبار أن المعلومات من حقوق المواطنة الأساسية.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات