فى ذكرى يوليو - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 3:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى ذكرى يوليو

نشر فى : الثلاثاء 23 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 23 يوليه 2013 - 8:00 ص

أنا من جيل شب فى ذات اللحظة التى عبرت فيها مصر هزيمة يونيو (١٩٦٧) بتفوق عسكرى مذهل على العدو الإسرائيلى، وصار السادات بطل كل المشاهد وصارت الحرب هى الحكاية، وصار أكتوبر هو الاسم والشرعية وشهر الشهور الإفرنجية، شهر الاحتفالات، وأسماء القاعات والمستشفيات وحتى المجلات، وفلسفة الحكم أيضا (ورقة أكتوبر)، حتى سافر الرئيس إلى القدس، فعادت يوليو (الثورة) لتطل من جديد على المشهد المصرى، ترفض السلام مع العدو، وتحاسب السادات بمرجعية ثورته الأولى، وشرعيته الكبرى، وظل أبناء جيلى متأرجحين حول حكايات وضرورات  يوليو، الثورة التى لم تحقق كل أهدافها، أولا بسبب الاستعمار، وثانيا بسبب «السادات الذى خان ناصر والثورة وباع نفسه لشيطان السلام عبر الأمريكان».. ولم تتوقف شجارات الشباب حول يوليو إلا بمقتل الرئيس فى ذكرى انتصاره بأيدى من احتضنهم ورعاهم وبأفكار من حاولوا أن يقولوا إنهم أصحاب ثورة يوليو وضحاياها أيضا. 

حينما جاء مبارك، كبطل من أبطال أكتوبر، ولم يتورط فى هزيمة يونيو، ولا علاقة له بثورة يوليو، ذهبت مصر صراحة إلى شرعية جديدة ووحيدة هى شرعية أكتوبر، وترك لنا النظام الجديد، حرية الصراع بين يوليو عبدالناصر ونصف يوليو السادات، وقتها عرفنا أن «نكسة يونيو» لم تؤثر فينا، ولم نكتئب بسببها، وأن كل الحكايات كانت مجرد مشاعر مفتعلة وتم استدانتها من أجيال سابقة لابتزاز السادات ومن بعده مبارك، ومن قبلهم ناصر، وقتها أيضا تأكدنا أن جمال عبدالناصر قاد إنقلابا عسكريا على حكم ملكى، كانوا يطلقون على هذا الانقلاب(حركة مباركة)، وأن الحركة تحولت إلى ثورة بعد ٤٥ يوما من الانقلاب (٩ سبتمبر ١٩٥٢) حينما بدأ ناصر ورفاقه فى توزيع (فدادين خمسة) على بعض المعدمين الأجراء من أهالينا الفلاحين، وبعد عامين آخرين من الانقلاب، كان بسطاء العمال الذين ذاقوا كل صنوف العذاب والاغتراب فى وطنهم، قد صاروا ملاكا وحكاما لبعض المصانع، وفى مقدمة المشهد السياسى، وبعد عامين آخرين، أصبحت شركة قنال السويس شركة مساهمة مصرية (١٩٥٦). لتكتمل يوليو كثورة شعب قرر أن ينهض، فقرر العالم أن يحاربها، ونجح فى كسرها بعد أعوام أحد عشر (ه يونيو ١٩٦٧). 

وحينما دخل مبارك السجن، وجلس مرسى على مقعد حكم مصر، قالوا إن يوليو ذهبت بلا رجعة، وأن عصر الاستبداد الذى استمر ٦٠ عاما، قد انتهى (١٩٥٢ - ٢٠١٢) وأنهم كلهم (ناصر والسادات ومبارك) كانوا جلادين لهذا الشعب، أى أن يوليو لم تكن ثورة بل كانت وبالا على هذا الشعب المسكين، لذا حينما انتكست الثورة فى يونيو ١٩٦٧، كان السجود شكرا لرب العالمين ضرورة من المخلصين والشرفاء لتأديب وتهذيب المجرمين الخونة.. !!

ثم جاء يونيو جديد، ليتبدد مرسى، وليتطهر الشهر من النكسة، ويتذكر الشعب مجددا يوليو شهر المجد الغابر، الذى لم يحقق أهدافه ثورته الأولى حتى الآن، العيش والحرية، ومن قبلهما الكرامة الإنسانية والتى كان يقولها عبدالناصر مخلصا والسادات مضطرا ومبارك من باب أداء الواجب، واليوم يصر عليها الشعب بنفسه من دون حاجة لزعماء يسير خلفهم، فالشعب قرر أن يكون هو السيد والمعلم كما قال له ناصر ورفاقه فى مثل هذا اليوم قبل ٦١ عاما وكل عام وأنتم بخير، وفى خير.. ثورى. 

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات