ما وراء «التمرير» - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 11:21 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما وراء «التمرير»

نشر فى : السبت 23 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 23 فبراير 2013 - 8:00 ص

سارع مجلس الشورى، والذى يقوم بمهام تشريعية مؤقتة، بإقرار قانون انتخابات البرلمان وإرساله إلى رئيس الجمهورية، لاعتماده والعمل به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية، والعملية كلها لم تختلف فى تفاصيلها عن كافة العمليات التى قامت بها جماعة الإخوان، أو ذراعها السياسية  «الحرية والعدالة»، وهى عملية تعتمد على «التمرير» استنادا للفكرة الدائمة «ضيق الوقت»، وضرورة استكمال مؤسسات الدولة، وكالعادة أيضا،  والجماعة وهى «تمرر» ما تريد «تمريره» تترك ذيلا، لا تفهم لماذا تتركه، أو ماذا تنوى العمل به، فقد أخذت بما قالته المحكمة الدستورية، (فيما عدا ملاحظة الاستثناء من التجنيد)، وأيضا لم تذهب بالتعديلات من جديد إلى المحكمة الدستورية، بدعوى أن الدستور الذى صنعته، لا يلزمها بذلك، لتترك الباب مفتوحا أمام الطعون وأمام الاختلاف بين الجميع، فقط ما كان يشغلها «تمرير» القانون، وهو ما نجحت فيه بالفعل.

 

  وسياسة «التمرير» أصبحت سياسة إخوانية بامتياز، منذ توليهم المسئولية، وهى سياسة تعنى أن كافة المسائل تدور وتثار وتقر  بلا نقاش حقيقى، كما أن كافة الأمور، عبر التمرير، تبدو مؤقتة، وهذا ما يعمد الإخوان إليه دائما، على الرغم من امتلاكه للسلطة يمكنه من فعل ما يريد دون اللجوء لمثل هذه السياسات البغيضة، وما يغيظ بالفعل، أن بعض قيادات الحزب يقولون لقد أخطأنا، ثم يكررون ذات الخطأ، وبالأمس قالوا، إنه كان من الافضل أن يعود قانون انتخابات البرلمان إلى المحكمة الدستورية العليا، لسد الذرائع، وفقا لتعبيرهم، ونحن إزاء  ذلك لا نملك سوى طرح السؤال الذى يستفزنا جميعا: ولماذا لم تفعلوا والأمر كله كان بين أيديكم؟.

 

  «التمرير» الذى ينتهجه الإخوان، للأسف، لا يعكس سوى رغبة استعجال الجماعة فى الانتهاء من أجندة لا نعلم حقيقة الأهداف التى تسعى إليها، والمشكلة، أن هذا الاستعجال، بتمرير كل شىء وأى شىء، يعكس أيضا، الحالة المؤقتة التى تعيشها مصر، فعلى عكس ما يقول الإخوان، إنهم يستعجلون استكمال مؤسسات الدولة، فإنهم، عبر التمرير، يجعلون كافة المؤسسات، بلا قوام حقيقى، وبلا بناء منطقى، ومؤسسات مليئة من داخلها بأسباب هدمها، أكثر بكثير من اسباب تماسكها ونموها، ولنا فى مؤسسة الرئاسة أسوة حسنة، التى تهدم ما يقرب من نصفها: بدءا من استقالة النائب الوحيد (قبل أن يلغى الدستور منصبه) وانسحاب القبطى الوحيد (لم يأتِ بديلا له حتى الآن)، ومستشارون رحلوا معترضين وغاضبين، وأحدهم تمت إقالته، وكذلك متحدثها الرسمى، وهى حالة لا تنبئ بأن العمل يسير على ما يرام، وآخر مثال على ذلك، ما حدث  أمس الأول (الخميس) فى اللقاء بالحقوقيين، حيث كانت الدعوة لمقابلة الرئيس فى التاسعة، وانتهت بلقاء سكرتيره فى الحادية عشرة، مع إعلان ان السبب صراحة، ارتباك الرئاسة.

 

   وأخيرا، لا يبقى إلا أن أشير إلى أن سياسة «التمرير»، عادة لا يتم اعتمادها واستخدامها، الا من الذين يخشون شيئا، أو يقومون بشىء يرغبون فى حدوثه دون التفات الكافة فى تفاصيله، وفى أحسن الأحوال يأتى التمرير كسياسة من يرغب فى إقرار أمر يعرف جيدا أن هناك اعتراضات كبرى عليه، وللتمرير أيضا معانٍ سيئة فى مقدمتها فعل شىء مخالف للقانون، وكل ذلك يعنى أن العقل الجمعى للجماعة، لم يدرك حتى الآن أنه هو الذى يحكم ولا يحتاج لمثل هذه السياسات، التى كانت مفيدة من وجهة نظره عندما كان محظورا، ويبدو أن من اعتاد العمل فى الظلام، لا يعرف جيدا كيف يعمل تحت الأضواء، وربما كان القيادى السابق فى الجماعة محمد حبيب محقا، عندما قال، إن الجماعة استعجلت الحكم، وكان الأفضل لها أن تنتظر عشر سنوات. وعلى ما يبدو كان أفضل لنا أيضا.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات