يا ليته يصبح عميقًا - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 1:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يا ليته يصبح عميقًا

نشر فى : الأربعاء 22 يناير 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 22 يناير 2014 - 8:00 ص

فى إطار الوعود العامة التى أطلقتها حكومة الدكتور حازم الببلاوى، قررت أخيرا تطبيق قانون الحد الأقصى للدخل، والذى تقرر بخمسة وثلاثين مثلا للحد الأدنى، وبحيث لا يتجاوز 42 ألف جنيه، والقرار صدر على اعتبار أنه مكمل لقانون الحد الأدنى للأجور وكل ذلك فى إطار ما سمته الحكومات المتعاقبة والقوى السياسية المختلفة «تحقيق العدالة الاجتماعية»، طبعا ليس من الإنصاف تجاهل الأمر أو إهماله أو التقليل من شأنه، فالقرار يضفى حالة من الارتياح عند قطاعات كثيرة من المواطنين، كما أنه يرضى عددا لا بأس به من جماعات الاحتجاج الاجتماعى والتى كانت ترى فى تفاوت الأجور جريمة وسببا مباشرا لغياب العدالة الاجتماعية، ومع ذلك فما حدث لا يعنى أبدا أن تلك هى العدالة الاجتماعية المنشودة، أو أن تطبيق الحدين الأدنى والأقصى، هو علاج ناجع لتفاوت الأجور، وأن ذلك سيعيد ترتيب الخريطة الطبقية فى مصر.

ما حدث سيحسن قليلا شروط العمل فى المصالح الحكومية، فى مقابل غضب مكبوت من الذين يرون فى ذلك ظلما للذين يعملون أو يعتقدون أنهم أصحاب مهارات خاصة، ويتضاعف هذا الإحساس فى ظل هيمنة ثقافة أن الموظفين يحصلون على أجور بلا عمل، وأن السبب فى ارتفاع دخول البعض، لأنهم هم من يقومون بالعمل فعليا، وهى ثقافة شائعة منذ سنوات طويلة، وإذا سلمنا ببعضها، فلن يكون مسئولا عن ذلك سوى الدولة نفسها التى تركت الأمور تصل إلى هذا الحد، وإلى هذه الدرجة من الإهمال الوظيفى الجسيم، والذى هو أيضا إهدار للثروة البشرية فى البلاد.

أعتقد أنه مع تطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور، يجب أن تتدخل الدولة عبر القيادات الحكومية لتعديل تلك الثقافة وتغييرها، وتبدأ فى الاستفادة من موظفيها فى تحسين الخدمات والإنتاج، وإلا سيكون الحد الأدنى بمثابة رشوة لا تليق ببلد يرغب فى النهوض ولا بشعب قرر الثورة على أحواله البائسة، فيمكن لأجهزة الدولة إعادة هيكلة واسعة للاستفادة بما تملكه من قوة بشرية هائلة، وتملك أيضا إقرار ثواب وعقاب، يستطيع أن يكون فاعلا فى قصة تغيير ثقافة أن الموظف يحصل على أجره سواء قدم عملا أم لا، كما أن المواطنين يجب أن يشعروا بأن معاملاتهم تنجز بشكل أفضل وان الموظفين يقومون بواجباتهم ومهام وظائفهم بما يحقق صالح الشعب من دون عناء.

إلا أن كل ذلك لا يمكن أن يحدث إذا لم تكن هناك عدالة كاملة سائدة على الجميع، بدءا من تعيين الموظفين الجدد، وانتهاء باختيار القيادات العليا، وأن يكون ذلك متاحا أمام الجميع، حتى يكون أمام الجميع فرص متساوية سواء فى الحصول على الوظيفة أو فى الترقى للمناصب العليا، وهو غير الحاصل حاليا، فمازالت الوساطات والأهواء، وأحيانا التقارير الأمنية، فاصلا فى ترشيح أى مواطن لوظيفة جديدة، أو ترقى آخر لمنصب قيادى، وهو ما عكس حالة عامة من اليأس، جعلت الأداء الوظيفى فى المصالح الحكومية شديد البؤس، فهم لا يخافون عقابا ولا ينتظرون ثوابا، فقط يعيشون بمنطق «أيام وبنقضيها» وهذا ما حطم كفاءة الجهاز الإدارى للدولة الذى مازال البعض يعتقد أنه قوى وعميق.. فيا ليته يصبح قويا وعميقا.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات