ضلال « الحق والضلال» - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 11:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضلال « الحق والضلال»

نشر فى : الخميس 21 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 21 فبراير 2013 - 8:00 ص

قبل أكثر من عامين، كان الهتاف واضحا فى ميادين التحرير، ان الشعب يريد إسقاط النظام، وفى اللحظة التى اعلن فيها النظام عن سقوطه، هتف الشعب بذكاء شديد «الشعب يريد بناء نظام جديد» وكان ذلك، تحديدا، فى مساء الحادى عشر من فبراير عام ٢٠١١، فما الذى جرى خلال عامين حتى وصلنا إلى نقطة اللانظام التى نعيشها الآن؟ ربما كانت الإجابة غائبة وتائهة حتى أرحنا بها الدكتور أحمد فهمى فى حواره الخاص لـ«الشروق»، وللحق فإن الرجل من الواضح، أنه غير مراوغ ويتحدث بصراحة وشجاعة مذهلة، أعتقد أنها مفيدة فى مثل هذه الأيام الضبابية، التى لا تتضح فيها صورة أى مشهد أو لقطة لما يجرى فى الحياة السياسية الآن.

 

الدكتور فهمى قال بوضوح، وبشكل لا لبس فيه، «ان الذين يهاجمون مرسى، هم فى واقع الأمر، يهاجمون المشروع الإسلامى»، هنا بالضبط مشكلة «التوهة» التى تعيشها البلاد، فجماعة الإخوان، ومن معها، تعتقد انهم النظام الجديد، الذى كان ينادى به الشعب ليلة تنحى مبارك، وان «العركة» غير المفهومة التى دارت رحاها فى غموض شديد أثناء حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومعه أيضا، كأنها كانت تبحث عن الإخوان والمشروع الإسلامى لترتاح عند أفكارها وتستسلم للمستقبل تحت إدارتها، أو على الأقل هذا ما فهمه الإخوان والذين معهم، وان كل من يتحدث بخلاف ذلك، أولا هم قلة، وثانيا هم ضد المشروع الإسلامى، الذى يمثله مرسى، وانهم هم الذين يعطلون تقدم الأمة، وبالتالى يستمر المشهد الغائم فى حياة المصريين، وحينما تنقشع الغمة، عن المشروع الإسلامى، ستعود الأمة إلى طريق النهضة الذى وعدت به الجماعة، وكان قاب قوسين أو أدنى، لولا الذين يعارضون مرسى، والذين هم فى الحقيقة يعارضون المشروع الإسلامى.

 

المشكلة تبدو واضحة الآن، فبعد مرحلة ان الإسلام هو «الجماعة ومن معها»، وهى سياسة قديمة للإخوان كسبوا بها الكثير من الأنصار (وكسبوا بها أيضا الكثير من الانتخابات البرلمانية والنقابية)، وصدت عنهم المخالفين فى الرأى والمعارضين لممارساتهم، يجرى العمل الآن على الترويج لفكرة ان مرسى هو المشروع الإسلامى، والحقيقة أن هذه الفكرة ليست لمواجهة المعارضين، بل هى السياسة الفاعلة والخطة الناجعة لاقناع وتحميس المؤيدين وكافة أنصار فكرة الحكم الإسلامى بضرورة الدفاع عن الرئيس باعتبار ذلك دفاع عن المشروع الإسلامى، وفى ذات اللحظة التلويح لهم بان ما يحدث فى الشارع من غضب واحتجاج، ما هو إلا تحريض من أعداء هذا المشروع، وليس احتجاجا على سوء الأوضاع.

 

هنا بالضبط، تتضاءل كافة أخطاء السيد الرئيس (التى باتت جلية ومعلنة بل ومتفق عليها)، إلى جوار نبالة المشروع الإسلامى، الذى هو الهدف الأسمى للجميع، وبالتالى علينا تجاوز أخطاء الحكم (التى يعترف بها فهمى) لانها مجرد أخطاء لا تساوى شيئا، حينما نتحدث عن أخطار ضرب المشروع الإسلامى نفسه، أى أن الأزمة ليست أزمة سوء إدارة للبلاد، ولا ان هناك مأزقا ومنزلقا واضحا سنذهب إليه جميعا لو استمر الحال على ما هو عليه، بل ما يحدث هو صراع بين مشروعين، بين «حق» و«ضلال».. وللحق هذا هو الضلال بعينه، والخطر بعينه، لان ما يحدث فى مصر الآن، وباختصار شديد، صراع تقليدى على السلطة، بين قوى، جميعها غير مؤهل لحكم البلاد منفردا، وربما الجديد فقط، حشر فكرة «المشروع الإسلامى» فى معادلة الصراع، الذى من الواضح انه سيكون مهلكا للجميع ما لم يحتموا بسترات التوافق للنجاة من الخطر الذى بدأ يلمس أطرافنا جميعا.

 

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات