شجاعة الحد الأدنى - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 12:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شجاعة الحد الأدنى

نشر فى : الجمعة 20 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 20 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

الأكيد أن القرار الذى اتخذته حكومة الدكتور حازم الببلاوى، بشأن تحديد حد أدنى للدخل، هو قرار ثورى وشجاع بما تعنيه الكلمة، وكان من أهم المطالب السياسية طوال الشهور الاثنين والثلاثين الماضية، بالرغم من الظروف شديدة الالتباس التى صدر فى ظلها القرار، ويجب تحية الحكومة عليه، وشكرها، خاصة أنها اعتمدت الرقم (١٢٠٠ جنيه) الذى كان القضاء قد أصدره فى حكم شهير قبل ثورة يناير ٢٠١١، صحيح أن هذا حد أدنى للدخل وليس للأجر، أى أنه يتضمن أيضا المزايا العينية (مثل وسائل الانتقال وبدلات التغذية) إلا أن القرار يبقى بداية ممتازة على طريق تحقيق العدالة الاجتماعية، والمهم الآن أن تكشف لنا الحكومة عن بقية القرارات، أو على الأقل طريقة تفكيرها، فيما يتعلق بالحد الأقصى الذى يجب أن يتضمن المزايا العينية، وكذلك كيف سيتم تحديد وتطبيق الحد الأدنى للعاملين فى القطاعات غير التابعة للدولة ولا ينطبق عليها قرار امس الاول، كذلك يجب أن تخبرنا الحكومة عن كيفية تدبير الموارد اللازمة لتفعيل قرارها، خاصة أن القرار سيتم تطبيقه بعد مائة يوم.

على حكومة الدكتور الببلاوى الجريئة، أن تعرف أيضا أن هناك كثيرين يتربصون بقرارها، وفى مقدمتهم تجار وصناع سيسعون للفتك بالزيادات التى سيحصل عليها العاملون والموظفون، وهى خبرات قديمة للأسواق المصرية التى كانت تخطط بشكل أفضل من كل الحكومات فى أوقات المنح والعلاوات الدورية، ومن هنا، تبدو مراقبة الأسواق مهمة ضرورية للحكومة قبل تفعيل قرارها، حتى لا يصبح ما قدمته للمستحقين فى خبر كان بعيدا عن تحسين مستويات معيشتهم، وبصراحة ترك الأسواق بلا رقابة بات أمرا محيرا ولغزا يستعصى على الحل، وليس صحيحا أن رقابة الأسواق سلوك يعادى الحرية الاقتصادية، بل إن ذلك يحدث فى أعتى الرأسماليات، فهوامش الربح معروفة ومحددة سلفا، ومن يتجاوزها يتعرض لعقوبات صارمة وعاجلة، وضبط الأسواق من مهام الدولة والتى تعكس أيضا قدرتها على السيادة الاقتصادية اللازمة لحماية مواطنيها من الجشع والاستغلال.

على الدولة المصرية وهى فى طريقها لتحقيق أجور عادلة، أن تضبط مستويات الأداء والإنتاج فى أجهزتها المختلفة، سواء إدارية أو خدمية أو صناعية، فقد كانت الثقافة السائدة أن لا أحد يعمل من موظفى الدولة، لأنهم تقريبا لا يتقاضون رواتب حقيقية، وهذا شجع حالة الانفلات الإدارى وعدم العمل (معدل العمل فى الإحصائيات الرسمية الأخيرة وصل إلى سبع دقائق يوميا) وهذه فرصة تاريخية لعودة الانضباط وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وأيضا عقاب كل من يمارس الإهمال فى وظيفته، بالطبع ندرك جميعا أن الارقام ليست عظيمة، لكنها معقولة نستطيع بها أن نعيد قطارات العمل على قضبانها، بما يحقق النتائج الإيجابية للجميع، وعلينا أن ندرك أن هذا الرقم (١٢٠٠ جنيه) هو بداية الدخل، أى أن غالبة الموظفين القدامى سيتحقق لهم دخل لا بأس به بالمرة، وأصبح من واجبهم الآن إثبات كفاءاتهم ومهاراتهم فى الأعمال المسندة إليهم، لأن فى واقع الأمر لن تستطيع الاستمرار فى تحسين مستوى الدخول، دون أن يقابله تحسن واضح فى مستويات الخدمات والإنتاج، لأن لو لم يحدث ذلك فسنكون على موعد إجبارى مع التضخم سيلتهم كل زيادات دخولنا رغما عن الجميع ولن تستطيع أى حكومة كبح جماحه.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات