عن القراصنة والسمك والظلام - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 12:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن القراصنة والسمك والظلام

نشر فى : الأحد 19 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 19 مايو 2013 - 8:00 ص

أعادت السلطات الليبية، مشكورة، مركب صيد وصيادين مصريين، انتهكوا المياه الإقليمية الليبية، وهو الخبر الذى اعتدنا عليه منذ سنوات، سواء كان الانتهاك يخص السواحل الليبية أو التونسية فى البحر الأبيض المتوسط، أو فى السواحل السودانية أو اليمنية أو الصومالية فى البحر الأحمر، ورغم أن السبب واضح وضوح الشمس فى ذهاب الصيادين المصريين الى هنا أو هناك، وهو البحث عن الأسماك لاصطيادها، فإننا مازلنا نتحدث بكل جسارة عن الثروة السمكية الضخمة التى نمتلكها بما أننا لدينا بحرين ونهر عظيم وبحيرات متعددة، فى ذات اللحظة التى لم يسأل فيها أحد لماذا يذهب صيادونا إلى سواحل أخرى، ولم يطلعنا أحد على حقيقة الثروة السمكية عند سواحلنا، وما السبب فى كل ذلك. 

 

و أذكر ذات مرة، فى حوار مع صحفى ومثقف صومالى يعيش فى باريس وكنا نتحدث عن السينما والثقافة العربية بشكل عام، فأخذنا الحوار الى أوضاعنا العامة، وبالطبع تحدثت عن «قراصنة الصومال» وسألت عن هويتهم، وعن سبب قرصنتهم للعابرين فى بحار الله، فإذا بالزميل الصومالى، وهو بالمناسبة شديد التهذيب، ويختار ألفاظا عربية رقيقة وناعمة فى حواره دون أن يخلط عباراته بأية ألفاظ أجنبية، ينفعل ويسأل عن القرصان الحقيقى فى هذه الوقائع، مؤكدا أن المصريين هم «القراصنة» لأنهم يذهبون لقرصنة ثروة لا يملكونها فى مياه بعيدة عن مياههم وتخص بلاده الصومال، وأشار الى أن إسبانيا تؤجر المياه الإقليمية لدولة موريتانيا للصيد بها، أى أنها تدفع مقابل ما تحصل عليه من أسماك لا تملكها، بل هى ملك للشعب الموريتانى، ثم أضاف بغضب أن مصر تمارس قرصنة ثم تتهم الضحية بذلك. 

 

والحقيقة أن هذا رأى له منطقه ووجاهته، خاصة فى ظل اعترافنا بذهاب صيادينا بعيدا عن شواطئنا، والحقيقة أيضا أننا نمارس نوعا من التضليل حينما نتهم آخرين بالقرصنة ونحن الذين نفعل ذلك بالفعل، ونمارس تضليلا آخر بإيهام الشعب أننا نمتلك ثروات سمكية عملاقة، من الواضح أن لا وجود لها رغم البحرين والنهر العظيم والبحيرات المتعددة، وأعتقد أنه حان الوقت لنفهم المشكلة ونقف على حقائق الأمور، هل ليس لدينا أسماك فى بحارنا لاسباب طبيعية، أم أننا لا نمتلك من القوانين التى تحظر الصيد بأدوات بعينها أو فى أوقات معينة يتكاثر فيها جزء من الثروة السمكية، كما تفعل اليابان على سبيل المثال والتى تقيم مزارع سمكية فى مياهها الإقليمية لتنمية الثروة السمكية. 

 

إن ما نفعله مع السمك والصومال، على ما يبدو تمدد لقضايا أُخرى بعيدا عن البحر، فبعض ما يحدث فى بر مصر أيضا هو تضليل الرأى العام عن حقيقة ثرواتنا، مثل مصر التى ترقد على جبال من ذهب، وكذلك قرصنة تقوم بها الدولة على حقوق لا تملكها تحت دعاوى، المنفعة العامة، التى تنزع ملكيتها من مواطنين، ثم تبيعها لمستثمرين (نموذج المراجل البخارية)، ولا ننسى قرصنة المواطنين التى تبدأ من السمك، ولا تنتهى عند اغتصاب أراضى الدولة وهتك عرض القانون ثم يتظاهر المواطنون لأن الدولة لم تمد اليهم المرافق حتى الآن، وانهم يعيشون فى ظلام.. فعلا : نحن نعيش فى ظلام يا حكومة ونظام، فهل من مجيب؟ 

 

 

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات