فى حب الماضى... أى ماضٍ؟! - مزن حسن - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 1:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى حب الماضى... أى ماضٍ؟!

نشر فى : الجمعة 19 فبراير 2021 - 6:35 م | آخر تحديث : الجمعة 19 فبراير 2021 - 6:35 م

نشأنا فى مجتمع يقدس الماضى، تربينا على ماضى أجدادنا الذين حكموا العالم، ثم الترحم على «مصر أيام زمان»؛ حيث حكت لنا أمهاتنا عن المدينة الفاضلة! ومن ثم تأتى الذكرى العاشرة لثورة الخامس والعشرين من يناير ويتحدث محبوها ــ وأنا منهم ــ عن أجمل أيام العمر.
للماضى سحر، خاصة أننا نحن الذى نحكيه من عيوننا وتصوراتنا، أعترف أنى من محبات الماضى، فقد نشأت لأستاذة جامعية فى التاريخ كان التاريخ جزءا من تفاصيل حياتنا، ولكننى تعلمت أيضا أن هذا التاريخ يحكيه المنتصرون والأقوياء فقط، فهم من لهم حق الرواية وتفصيل الأحداث وإجبار الآخرين والأخريات على تصديق رواياتهم. حتى فى تاريخنا البديل يحكيه فقط من انتصر وسيطر على هذا المجتمع البديل بسرديته وأفكاره.
أتذكر كل ذلك ونحن نرى تغييرا مجتمعيا وقانونيا ناحية قضايا متعددة متعلقة بقضايا النساء وأعترف أنى أحب هذا الماضى.
فلا يمكن التحدث عن تعديل قانون يجرم تشويه الأعضاء التناسلية إلا ونتذكر نوال السعداوى، تلك السيدة القوية التى ناضلت من أجل رفع الظلم عن نساء هذا البلد من تلك الجريمة ليس فقط قبل الجميع، ولكن مع تهديد وتشويه لها وفكرها، ولكن لا تذكر فى السردية المتداولة.
لا يمكن أن نتحدث عن استحقاق دستورى بوجود نساء داخل المجالس التشريعية إلا ونتذكر تلك السيدة التى دفعت حياتها ثمنا للمطالبة بهذا الحق، فنتذكر ماضى درية شفيق من عيون منافسيها أو من تسببوا فى تشويهها، ونبحث عن أصحاب سلطة من الرجال لنمتن لهم أننا فى هذا الموقع.
ومن خلال تلك الأمثلة وغيرها قد تظهر لنا بعض إرهاصات لماذا تتعثر مسيرة تمكين نساء هذا الوطن؟ قد يكون تذكر هذا الماضى لنساء عملن على وجودنا، أو إدراكنا أننا لم نبدأ هذه المسيرة ساعدنا على إدراك أننا سنكسب مساحات أكبر عندما نقدر تاريخ وعمل نساء أخريات ونبنى عليه لتحقيق المزيد.
عندما تولت كامالا هاريس منصب نائبة الرئيس الأمريكى كأول سيدة ملونة من أصول مهاجرة، أعلنت «ربما أكون أول امرأة تحصل على هذا المنصب ولكنى لن أكون الأخيرة». ويظهر ذلك من خلال نسبة تعيين السيدات من خلفيات مختلفة فى عدة مناصب فى الإدارة الجديدة. وأيضا الحديث الدائم عن حقوق النساء كمحدد لسياسة الولايات المتحدة خارجيا من خلال تلك الإدارة.
عندما تتقلد النساء مناصب وتتذكرن أنهن هنا لأن غيرهن من النساء ناضلن من أجل هذا الحق، وأن عليهن السعى لتحققن لغيرهن حقوقهن، وأن يعد دفاعهن عن حقوق النساء جزءا أصيلا من عملهن وموقعهن، قد نصل إلى أن يكون وجودنا ليس استثناء وليس منحة من أحد.
عندما نبذل وقتنا لنقرأ عن ماضى سابقاتنا، سنوفر على أنفسنا جهد تحضير رسائل لشكر مانحينا.
عندئذ قد نصل إلى أن وجودنا حق وليس تكرما من صاحب سلطة، وأننا جزء من مجتمع به الكثير من النساء المميزات وليس كل واحدة هى «المميزة الوحيدة».

مزن حسن مديرة مؤسسة نظرة للدراسات النسوية
التعليقات