لماذا نشعر أن #كلنا_نيرة_أشرف؟ - مزن حسن - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 11:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا نشعر أن #كلنا_نيرة_أشرف؟

نشر فى : السبت 9 يوليه 2022 - 7:25 م | آخر تحديث : السبت 9 يوليه 2022 - 7:25 م
جاءت حادثة ذبح نيرة ــ رحمة الله عليها ــ أمام جامعة المنصورة لتعيد الشجون نحو قضايا العنف ضد النساء فى مصر، هذا الوباء الذى تعانى منه مصر والعديد من دول العالم لسنوات والذى تزايد فى وطننا خلال العشرين سنة الماضية ليضعنا أمام مخاوفنا وغضبنا كنساء هذا الوطن.
كانت قضية العنف ضد النساء محور عمل نسويات هذا الوطن لعقود، مستخدمات أدوات مختلفة كتقديم كافة أنواع الدعم القانونى والنفسى والطبى، ومحاولات العمل على مشاريع قوانين وسياسات تستطيع أن تحد من تلك الظاهرة المتفاقمة، وكذلك التوعية بمخاطر العنف. لكن ومع التطور الطفيف الذى صاحب تلك المجهودات من إقرار سياسات أو اهتمام الدولة والمجتمع بتلك القضايا يظل العائق المتمثل فى التجاهل والتواطؤ هو بطل القصة.
إن التعامل مع قضايا العنف ضد النساء فى مصر على أنها حالة فردية أو أنها تخص العام دون الخاص أو العكس أو أنها تخص طبقة أو مجموعة سياسية واحدة يضعف النقاش المجتمعى البناء نحو علاج تلك القضايا، ويضعف المسئولية نحو الضحايا ليصبحن ناجيات لا تتمحور هوياتهن نحو الألم.
لم يكن من قبيل المصادفة أن تجد قضية العنف ضد النساء موقعها كمحور العمل والنقاش النسوى والمجتمعى منذ ثورة يناير، فالتغيير المهيب الذى صاحب ثورة يناير خلق وعرفنا جميعا على أجيال من شابات وشباب لا يتفاوضون على أجسادهن أو أجسادهم، فقد رفضوا كل أشكال العنف المسلط عليهن أو عليهم من فاعلى وغير فاعلى الدولة، وتنفسوا معنا جميعا حلاوة الحرية والقوة والأمل فى التغيير.
ومع كل التضحيات والعمل المتواصل من نساء مصر ــ بمشاركة العديد من القوى ــ لازلنا أمام مجتمع لديه قطاع ليس بقليل من مواطنيه وحركاته السياسية وفاعليه من الدولة لا يرى قضية العنف ضد النساء كمحور أساسى لفهم هذا المجتمع وتطور قبوله للعنف، وأن العمل على الحد منه هو من أولى الوسائل للوصول للسلم المجتمعى وإعلاء قيم الحقوق والحريات والمواطنة.
يصاحب هذا التوجه العديد من المعوقات المؤسسية من غياب نظام تشريعى وسياساتى طويل المدى وشفاف للحد من تلك الظاهرة، فلا زالت مصر تفتقر لقانون يجرم العنف ضد النساء، ولا زالت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والتى خصصت بابا كاملا لقضايا العنف ضد النساء غير مفعلة، ولا زالت استراتيجية تمكين النساء 2030 يعوزها خطة طويلة المدى للتنفيذ وربطها بالاستراتيجيات الأخرى.
أعلم جيدا أن القانون والسياسات وحدهم لا يمكن أن يكونوا السبيل الأوحد للتغيير، ولكنهم وسيلة فعالة لإقرار قيم مجتمعية وآليات محاسبة ووصم مجتمعى للمعنفين وإقرار لمسئولية الدولة نحو مواطنيها ومواطناتها، يقود فى النهاية إلى إعادة التأهيل والمضى بالضحايا لطريق النجاة.
فهل يمكن أن يكون هناك وقت وافٍ تطرح فيه مصر على مواطنيها نساء ورجالا اقتراحات لعقد اجتماعى جديد لمناقشة طرح باب داخل قانون العقوبات لتجريم العنف الجنسى بجميع أشكاله، إعمالا للمادة الدستورية والتى جرمت العنف ضد النساء؟ هل يمكن للجنة المشكلة لطرح قانون الأحوال الشخصية أن تكون جزءا من تلك الجهود للوصول للسلم المجتمعى وربط قضايا العنف ضد النساء بقضايا الطلاق للضرر وإصلاح المنظومة الخاصة بقضايا الرؤية والحضانة؟ هل يمكن مناقشة إشكاليات الطلاق الشفهى كجزء من سلسلة عنف يمارسها النظام الأبوي على النساء؟
هل يمكن أن تتاح للنساء مساحات لسرد روايتهن دون تخوين أو اتهامات بالجنون أو التجريم القانونى من خلال مؤسسات أهلية مشهورة تسعى العديد من الشابات إلى تأسيس مساحات آمنة للنساء فيها لدعمهن دون أن يواجهن العوائق الإدارية والتنفيذية؟
#كلنا_نيرة_أشرف لأن كلنا معرضات ليس فقط للقتل ولكن للتشويه والتسفيه والتجاهل للعنف على أجسادنا.
رحم الله المغدورات من النساء، وساعد من بقين أحياء على السعى منفردات للنجاة بأرواحهن وأجسادهن، وتجاوز الغضب والحزن والخوف الذى يعيق حيواتنا ووجودنا فى المجالات العامة والخاصة.
مزن حسن مديرة مؤسسة نظرة للدراسات النسوية
التعليقات