الفقر فى أمريكا هو التيار العام - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفقر فى أمريكا هو التيار العام

نشر فى : الثلاثاء 17 ديسمبر 2013 - 7:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 17 ديسمبر 2013 - 7:00 ص

كتب مارك رانك، مؤلف وأستاذ الرعاية الاجتماعية بجامعة واشنطن، مقالا بعنوان «الفقر فى أمريكا هو التيار العام» نشر بجريدة نيويورك تايمز، يناقش فيه قضية انتشار ظاهرة الفقر، جاء فى المقال: قليلة هى تلك الموضوعات فى المجتمع الأمريكى التى تحيط بها خرافات وأنماط مقولبة أكثر من تلك المحيطة بالفقر، وهى المفاهيم الخاطئة التى تشوه سياستنا ووضع سياساتنا الداخلية.

وهى تشمل فكرة تأثير الفقر على عدد صغير نسبيًا من الأمريكيين، وأن الفقراء يفقرون لسنوات فى أى وقت، وأن معظم من يعانون من الفقر يعيشون فى الأحياء القديمة، وأن قدرًا كبيرًا جدًا من مساعدات الرعاية يقدَّم، وأن الفقر فى نهاية الأمر هو نتيجة عدم العمل بقدر كاف من الجد. وعلى الرغم من انتشار تلك الافتراضات فإن كلا منها خاطئ بشكل واضح.

على عكس الاعتقاد الشائع، النسبة المئوية من السكان التى تواجه الفقر بشكل مباشر مرتفعة على نحو غير عادي. وتشير أبحاثى إلى أن حوالى 40 بالمائة من الأمريكيين فيما بين الخامسة والعشرين والستين يمرون على أقل تقدير بعام واحد دون خط الفقر الرسمى خلال تلك الفترة (23492 دولارا للأسرة المكونة من أربعة أفراد) وسوف يمضى 54 بالمائة عامًا فى الفقر أو قريبًا من الفقر.

•••

ويضيف رانك أن الأمر الذى يبعث على الدهشة بقدر أكبر هو أنه إذا أضفنا ظروفًا مثل الاستفادة من الرعاية وشبه الفقر والبطالة، فسيواجه أربعة من بين كل خمسة أمريكيين واحدًا أو آخر من تلك الأحداث، بالإضافة إلى ذلك يقيم نصف الأطفال الأمريكيين جميعًا فى فترة ما أثناء طفولتهم فى أسرة تستفيد من كوبونات الطعام لفترة من الزمن.

الأمر ببساطة هو أن الفقر حدث خاص بالتيار العام يمر به أغلبية الأمريكيين. وبالنسبة لمعظمنا، ليست المسألة ما إذا كنا سنمر بالفقر أم لا، وإنما متى سنمر به.

لكن بينما يصيب الفقر غالبية السكان، فإن متوسط الوقت الذى يقضيه معظم الناس فى الفقر قصير نسبيًا. والصورة القياسية للفقر هى تلك الخاصة بالطبقة الدنيا الراسخة التى افتقرت لسنوات فى أى وقت. ومع أن هذا يشمل شريحة صغيرة ومهمة من الفقر، فإنها صورة مضللة إلى حد كبير لطبيعته الواسعة والديناميكية.

والنمط التقليدى هو أن يعانى شخص من الفقر لعام أو عامين ويعلو فوق خط الفقر لفترة ممتدة من الزمن، ثم يكون هناك احتمال مواجهته الفقر مرة أخرى فى فترة لاحقة. فالأحداث مثل فقدان الوظيفة أو تخفيض ساعات العمل أو حدوث انفصال فى الأسرة أو الإصابة بمشكلة طبية جميعها من المحتمل أن تلقى بالأسرة فى الفقر.

وكما أن الفقر مشتت على نطاق زمنى واسع، فإنه مشتت كذلك على نطاق مكانى واسع. ذلك أن 10 بالمائة فقط تقريبًا ممن يعانون من الفقر يعيشون فى أحياء حضرية شديدة الفقر. ويمكن العثور على الأسر التى تعانى من الفقر فى أنحاء مجموعة مختلفة من المناطق الحضرية والضواحى، وكذلك فى البلدات الصغيرة والمجتمعات المحلية فى أنحاء أمريكا. وتشتت الفقر هذا يتزايد على مدى العشرين عامًا الماضية، وبشكل خاص فى مناطق الضواحى.

إلى جانب صورة فقر الأحياء القديمة، هناك كذلك تصور واسع الانتشار أن معظم الأشخاص الذين يعانون من الفقر ليسوا من البيض. وهذه خرافة أخرى. فطبقًا لأحدث ما صدر عن مكتب التعداد من أرقام فإن ثلثى من هم تحت خط الفقر يعرِّفون أنفسهم بأنهم بيض وهو رقم يزداد باطراد إلى حد ما على مدى العقود العديدة الماضية.

•••

ويتساءل الكاتب عن ماهية المساعدات السخية التى يتم تقديمها للفقراء، فعلى عكس الخطاب السياسى، فإن شبكة الأمان الاجتماعى الأمريكية بالغة الضعف ومليئة بالثقوب. وعلاوة على ذلك، فقد باتت أكثر ضعفًا على مدى الأربعين عامًا الماضية بسب الإجراءات العديدة لإصلاح الرعاية وخفض الميزانية.

نحن ننفق فى الوقت الراهن أقل الموارد فى البلدان الصناعية فيما يخص إخراج الأسر من الفقر وحمايتها من الوقوع فيه. والولايات المتحدة واحدة من دول قليلة لا تقدم رعاية صحية شاملة، أو رعاية طفولة رخيصة، أو إسكانًا بسعر معقول لأصحاب الدخول المنخفضة. ونتيجة ذلك أن معدل الفقر لدينا على وجه التقريب ضِعف المتوسط الأوروبي.

وسواء فحصنا فقر الطفولة أو الفقر بين الكبار الذين فى سن العمل أو الفقر بين الأسر ذات العائل الواحد أو معدلات الفقر العامة، فالقصة هى نفسها إلى حد كبير فالولايات المتحدة بها مستويات مرتفعة بشكل بالغ من الإفقار. والكثيرون الذين يجدون أنفسهم يعانون من الفقر غالبًا ما يُصدمون نتيجة مدى قلة المساعدات التى تقدمها الحكومة بالفعل لإعانتهم على اجتياز الأوقات الصعبة.

•••

ويختتم الكاتب مقاله بقوله، أن التفسير الشائع للفقر أكد أخيرًا أنه عدم وجود دافع وعدم العمل بقدر كاف من الجد وسوء اتخاذ القرارات فى الحياة.

ومع ذلك فقد وجدت أبحاثى وأبحاث الآخرين باستمرار أن سلوك من يعانون من الفقر ومواقفهم تعكس بشكل أساسى سلوك أمريكا التيار العام ومواقفها. وبالمثل، فقد عملت أغلبية شاسعة من الفقراء بشكل موسع وسوف تفعل ذلك مرة أخرى. فالفقر فى نهاية الأمر نتيجة إخفاقات على المستويات الاقتصادية والسياسية وليس عيوبًا شخصية.

إن حلول الفقر يمكن العثور عليها فيما هو مهم لصحة أية أسرة الحصول على فرصة عمل يوفر أجرًا لائقًا، والحصول على دعم للرعاية الصحية ورعاية الطفولة الجيدة والقدرة على الحصول على تعليم من الطراز الأول. غير أن هذه السياسات سوف تصبح واقعًا فقط عندما نبدأ فى أن نفهم بحق أن الفقر قضيتنا وليس قضيتهم.

التعليقات