ضلال تهمة «التضليل» - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 11:05 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضلال تهمة «التضليل»

نشر فى : الأربعاء 17 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 17 أبريل 2013 - 8:00 ص

بصراحة شديدة، لم يعد الأمر مقبولا، ولا يمكن السكوت عنه أو الصمت تجاهه، فكثير مما يخرج عن الدولة ومن الحكومة أصبح غير موثوق به، ومتناقضا ومتضاربا، وكأن جميع الأمور ليس لها صاحب، وزير مسئول يؤكد أن هناك دراسات يجرى إعدادها لانشاء شرطة جديدة متخصصة لكل مرفق من مرافق الدولة، ثم تصريح آخر لرئيس لجنة من لجان مجلس الشورى يؤكد فيه دراسة مشروع إلغاء بعض إدارات الشرطة مثل المرور والمطار والكهرباء والسياحة، واستبدالها بأجهزة بديلة، والدافع وراء ذلك من وجهة نظر الوزير أن تتفرغ الشرطة لمهامها الجنائية، ونفس الأمر لرئيس لجنة الشورى والذى يضيف ان هذا سيحقق دخلا أفضل لابناء الشرطة بعد إلغاء هذه الادارات، ثم يأتى مصدر أمنى رسمى تابع لوزارة الداخلية وفى بيان رسمى ينفى صراحة تصريح السيد الوزير، مؤكدا قدرات الوزارة فى القيام بجميع مهامها.

 

الوزير الذى تحدث عن دراسات إنشاء الشرطة الجديدة، وزير فى حكومة الدكتور هشام قنديل، وبيان الداخلية الذى ينفى تصريح هذا الوزير، هو بيان وزارة من الوزارات التى يرأسها هشام قنديل، وكلاهما لهما متحدث رسمى واحد هو الدكتور علاء الحديدى، الذى انتظر منه بيانا ان الاعلام فهم هذه التصريحات بشكل خاطئ، وان الوزير كان يقصد غير ما فهمناه وان بيان الداخلية يصحح الأخطاء التى روج لها الاعلام (مثلما فعل فى تصريحات قنديل حول تشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور)، وبالتالى يكون بعض الساسة على أهبة الاستعداد لاعلان ضلال الاعلام وتضليله، ومسئوليته عن كل ما يحدث من البلاد من أخطاء وخطايا، مثلما فعل محافظ كفر الشيخ أمس فى ندوة تتحدث عن الاعلام الاقتصادى.

 

هنا نحن لا نتحدث عن موضوع التصريحات ونفيها، ولا نتحدث أيضا عن علاقة الوزير بموضوع التصريحات، فالوزير صاحب التصريحات هو الدكتور محمد على بشر وزير التنمية المحلية، والأكيد ان ما قاله تمت مناقشته بشكل أو بآخر داخل حزب الحرية والعدالة أو داخل جماعة الاخوان، بدليل أن رئيس لجنة الامن القومى بمجلس الشورى قال ذات الكلام عن إلغاء بعض الادارات الشرطية فى ذات الوقت تقريبا، لكننا بصدد فكرة التصريحات ونفيها ثم اتهام الاعلام بالضلال والتضليل وهو الواجب اليومى تقريبا لمعظم أركان الحكم فى البلاد، من مؤسسة الرئاسة والحكومة، الى الشورى التشريعى مؤقتا والحزب الذى ينكر انه يحكم، والمدهش، اننى كتبت قبل يومين فى ذات المكان، انه اذا كان النظام يرى فى الاعلام انفلاتا أو عدم انضباط، فإن خطوته الاولى والاساسية لضبطه، هو عملية ضبط ودقة التصريحات التى تخرج عن جميع مؤسسات النظام، والتى فى الغالب هى المسئول رقم واحد عن الشوشرة الاعلامية التى ينزعج منها الجميع.

 

الجميع يتحدث عن مسئولية الاعلام وعن الاعلام المسئول، بينما يصمت الساسة تماما ويصابون بالخرس اذا كان المسئول الحكومى او السياسى هو السبب فى البلبلة، وهى قضية تكشف عن عجز شديد فى الاداء الاعلامى للنظام الذى يستريح لاتهام الاعلام، ولم يفكر ولا مرة أن يعترف بالخطأ ويتحمل مسئولية ما يفعل، أو يعترف بأخطاء تصريحات مسئوليه، وهى كثيرة، وتقريبا تتكرر بشكل يومى.

 

إذا كان هذا النظام جادا فى تحمل مسئولياته، فعليه ان يخرج للرأى العام، موضحا تصريحات مسئوليه وأسباب التراجع عنها، خاصة فى قضية تتعلق بإلغاء بعض ادارات الشرطة فى ظل انفلات أمنى، فهذا التراجع يمكن قبوله، طبعا بعد تقديم الاعتذار للمواطنين، لكن أن يظل النظام معجبا بفكرة تحميل الإعلام جميع أخطائه وخطاياه، فالأكيد ان لحظة الخسران ستكون قريبة، فربما سيقتنع البعض بأن الاعلام «مضلل»، لكن مصداقية هذا النظام ستنهار عند الجميع.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات