ثورتنا اليتيمة - محمد عصمت - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 12:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثورتنا اليتيمة

نشر فى : الثلاثاء 17 يوليه 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 17 يوليه 2012 - 8:00 ص

كل الثورات الكبرى فى تاريخنا الحديث كانت تسبقها دائما حركة فكرية ــ سياسية، تتخذ مواقف معارضة للنظم الحاكمة، حدث هذا فى الثورة الفرنسية التى مهد لها فلاسفة عصر التنوير فى أوروبا أمثال عمانويل كانت وفولتير وجان جاك روسو وغيرهم. وقبل الثورة البلشفية فى روسيا كانت أفكار كارل ماركس ولينين وتروتسكى وغيرهم ملهمة لملايين الروس فى الإطاحة بالحكم القيصرى. وفى إيران كانت للإمام الخمينى اجتهادات دينية جريئة حول ولاية الفقيه، جمعت حولها ملايين الإيرانيين استطاعوا إنهاء حكم الشاه خلال ثورة شعبية شارك فيها جميع الإيرانيين من مختلف الاتجاهات الفكرية والأيديولوجية، حتى استطاع رجال الدين الإيرانيين قيادتها والسيطرة على السلطة، بعد إقصاء شركائهم فى الثورة.

 

وفى تاريخنا الحديث فى مصر، اندلعت الثورة العرابية ثم ثورة 19 بعد تراكمات فكرية من مصادر متعددة، أشعلتها بعثات محمد على باشا إلى أوروبا، إضافة إلى الدور الذى لعبه رفاعة الطهطاوى وعبدالله النديم وجمال الدين الأفغانى خلال سنوات وجوده فى مصر، والذى التف حوله أسماء كبرى فى تاريخنا منهم أحمد عرابى وسعد زغلول ومحمد عبده وقاسم أمين وطه حسين وغيرهم الكثير، والذين مهدوا الطريق لبناء مصر الحديثة. وقد عرفت مصر خلال هذه السنوات جمعيات سرية وماسونية بل وأشكال بدائية للأحزاب السياسية، وظهرت زعامات وطنية وقامات فكرية لم تتكرر حتى الآن!

 

وحتى ثورة 23 يوليو اندلعت بعد سنوات من النهوض الفكرى والثقافى شاركت فيها جميع التيارات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وشهدت معارك فكرية راقية لم تخل من شراسة، نزعت شرعية العهد الملكى، حتى استطاع العسكر بقيادة جمال عبدالناصر الاستيلاء على السلطة، وإنهاء هذا الجدل الفكرى الذى وصل لأقصى مداه فى حقبة الأربعينيات فى القرن الماضى، لصالح دولة الرأى الواحد والرجل الواحد، والذى أوصلنا إلى ما نحن فيه الآن من هوان.

 

أما ثورة 25 يناير، فقد ولدت يتيمة أيديولوجيا وثقافيا، لم تسبقها حركة فكرية تؤسس لأفكار بديلة للحكم العسكرى الذى ابتلينا به طوال 60 عاما، وربما يفسر هذا اليتم الضربات الموجعة التى تتعرض لها هذه الثورة، ويفسر أيضا محاولات الكثيرين لسرقتها لصالح أجندتهم الحزبية الضيقة، ويفسر ثالثا ادعاء بعض الانتهازيين والمجانين من نجوم الفضائيات الادعاء بأنهم هم الذين أشعلوها، وأنهم الوحيدون الذين لهم حق الأداء العلنى لها، بالتالى هم الأولى بحصد ثمراتها!

 

ثورتنا لن تنجح إلا إذا اعترفنا بأنها اندلعت تحت لافتة ثلاث كلمات هى «عيش.. حرية .. عدالة اجتماعية»، وأن أى إقصاء لهذا الشعار سيجعلنا كالأيتام على موائد اللئام!

محمد عصمت كاتب صحفي