جريمة الحكومات المتعاقبة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 1:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جريمة الحكومات المتعاقبة

نشر فى : الجمعة 16 مايو 2014 - 6:35 ص | آخر تحديث : الجمعة 16 مايو 2014 - 6:35 ص

لم يتعرض قطاع للأذى مثلما تعرض قطاع الدولة خلال الفترة الماضية، أذى على جميع المستويات، بدءا من أنهم لا يعملون وفقا لرقم شهير يتداوله وتروج له وسائل الإعلام منذ سنوات، ومنسوب للجهاز المركزى للتنظيم والإدارة.

ويقول إن متوسط عمل الموظف المصرى فى اليوم الواحد لا يتجاوز ٢٧ دقيقة، هذا إلى جانب الحديث عن عدم كفاءته وتأهليه لما يقوم به من مهام، واتهامات دائمة بتقاضى الرشوة لإنجاز الأعمال، ويتطرف البعض ويصف ما يحصل عليه هذا الموظف من أموال هو لا يستحقها رغم ضآلتها، ويصف البعض أجورهم بأنها مجرد إعانة من الدولة، أما بعد الثورة وفى ظل حكم الإخوان، نشأ وترعرع مصطلح الدولة العميقة (أشك فيه كثيرا) بإعتبارها صلب النظام الفاسد والتى استطاعت، من وجهة نظر البعض، القضاء على نظام حكم الإخوان وعدم تمكينهم من فعل أى شىء، وهى نظرية فاسدة جملة وتفصيلا، لأن ما جرى من صراع كان بعيدا عن الأجهزة البيروقراطية، كما أن ذلك يتنافى تماما مع فكرة الموظف غير الكفء الذى لا يعمل ويرتشى فهما ضدان لا يلتقيان، إلا أن كل ذلك ذهب بالجهاز الإدارى للدولة لحال لا يمكن التعاطف معه، وأيضا لا يمكن إغفاله وتركه هكذا يفسد كما يهوى.

هذه القضية تتشابه تماما مع قضية «الدعم الذى لا يصل إلى مستحقيه» وكأن مستحقى الدعم هم المسئولون عن ذلك، حيث تتبنى الحكومات المتعاقبة هذه المقولة دون أن تدرك أنها جريمتها وحدها، وبالمثل فإن ضعف الجهاز الإدارى للدولة ومفاسده لا يمكن أن نتهم موظفيه بذلك فتلك أيضا جريمة الحكومات المتعاقبة ومسئوليتها الشاملة، ولا يمكن الصمت عليها، فكيف تسمح الدولة لموظفها بالعمل ٢٧ دقيقة يوميا فقط، فهذا أولا تعطيل لمصالح المواطنين، وثانيا إهدار للمال العام، وثالثا ظلم بين بتعيين الذين لا يعرفون ولا يعملون وإهمال الذين يعرفون وقادرون على العمل، فى مقابل فريق يرى أن كل ذلك هراء ومن اختراع الآلات الإعلامية، فكيف تسير أمور الدولة منذ عشرات السنين، إذا كان الجهاز الإدارى فاسدا ولا يعمل، وكيف يستعين القطاع الخاص بأعداد هائلة من هؤلاء الموظفين لتسيير العمل فى شركاتهم ومؤسساتهم إذا كانوا حقا بلا كفاءة، والأهم من ذلك، هل يجوز التعميم فى مثل هذه النوعية من المشكلات الكبرى دون فحصها بدقة وتشخيص أزماتها وتوزيع الاتهامات على المتسببين فعلا فى خراب جهاز الدولة.

حقيقة لا أعرف واقع الجهاز الإدارى للدولة، وإن كان هناك اتفاق على ترهله، وعدم حداثته، وإجماع على فساد بعض أفراده، لكننا لا نعرف حجم الفساد ومواضعه، لهذا يبقى من المهام الأساسية للرئيس القادم ضبط هذا الجهاز وإصلاحه، أولا لأن الدولة تحتاج تنشيط هذا الجهاز وتفعيله للمساهمة فى عمليات التنمية والإصلاح المتوقعة، وثانيا لأن هذا الجهاز يعمل به ما يقرب من سبعة ملايين مواطن، وإصلاحه يعنى إصلاح أحوال الملايين السبعة وأسرهم (حوالى ٣٠ مليون مواطن)، وإن حدث ذلك فقط، فهذا إنجاز لا يستهان به، وخطوة لو تحققت، لبدأنا مشوار مصر الجديدة المختلفة، أما فكرة الاستمتاع بأن جهاز الدولة فاسد وخرب وعميق، فلا معنى لذلك، سوى أننا مصرون على المضى قدما فى طريق الانهيار، فلا دولة تنهض وجهازها الإدارى متخلف ومتراجع وخرب وعاجز وفاسد.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات