طائرات ــ صواريخ دقيقة ــ وربما سلاح نووي.. الحلف غير المقدس بين بوتين وآيات الله - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 1:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

طائرات ــ صواريخ دقيقة ــ وربما سلاح نووي.. الحلف غير المقدس بين بوتين وآيات الله

نشر فى : الخميس 15 ديسمبر 2022 - 7:45 م | آخر تحديث : الخميس 15 ديسمبر 2022 - 7:45 م

فى نهاية الأسبوع الماضى نشر الناطق بلسان مجلس الأمن القومى الأمريكى تفاصيل مقلقة تتعلق بالتعاون الأمنى الذى يزداد توطدا بين روسيا وإيران. الأرقام التى قدمها جون كيربى لشبكة «بى بى سى« البريطانية وشبكة «إن بى سى» الأمريكية بشأن ما سمّاه مسئولون رفيعو المستوى فى الكونجرس «التعاون الدفاعى الكامل» بين إيران وروسيا، تثير مخاوف المعسكر الغربى ــ الديمقراطى كله، وبالأساس إسرائيل.
وفى الواقع، إن ما يجرى هو منعطف فى نظام القوى العالمى. لقد انضمت إيران إلى المعسكر المعادى للغرب، والمؤلف من أعضاء كبار، بينهم الصين وروسيا، وهى تستفيد من ذلك. وتقوم روسيا والصين بمساعدتها على بيع نفطها وتحقيق أرباح عبر الالتفاف على العقوبات الأمريكية، كما تعطل روسيا أى قرار ضد إيران فى الأمم المتحدة. لكن هذا ليس سوى جزء صغير.
يقدّرون فى الغرب وإسرائيل، بمعقولية كبيرة، أن روسيا ستساعد إيران فى المستقبل على الحصول وعلى إنتاج قدرات لجمع معلومات استخباراتية من الفضاء، ومن الأرض. مثلا من خلال إطلاق أقمار إيرانية اصطناعية، تجسّسية وللتصوير، بواسطة صواريخ روسية الصنع. أيضا تتخوف مصادر استخباراتية غربية أخيرا من أن يأمر بوتين، اليائس بسبب الهزائم العسكرية لجيشه فى أوكرانيا والخائف على بقائه السياسى، علماءه بمساعدة البرنامج النووى العسكرى الإيرانى. فى مواجهة هؤلاء الذين يطرحون مثل هذه الإمكانية، يوجد خبراء يدّعون أنه لا يمكن لأىّ روسى عاقل قبول دولة إسلامية نووية متطرفة على الحدود الجنوبية لـ«روسيا الأم». علاوة على ذلك، ما الذى سيحدث لو سقط النظام الحالى فى إيران وحلّ محله نظام موالٍ للغرب؟
• • •
فى هذه الأثناء، المشكلة المباشرة للغرب وإسرائيل، والناجمة عن الحلف الروسى ــ الإيرانى الذى يتوطد بسرعة، هى التعاون فى مجال الأبحاث والتطوير والإنتاج الصناعى. ما من شك لدى أحد أنه، عاجلا أم آجلا، ليس الأوكرانيون وحدهم مَن سيتعرفون على المنتوجات الدقيقة والفتاكة للتعاون التكنولوجى ــ العسكرى بين إيران وروسيا، بل نحن أيضا وسائر دول الشرق الأوسط؛ ومستقبلا أيضا ربما دول الناتو. ومن الممكن التقدير منذ الآن، بثقة، أن السلاح المطور الذى ستُنتجه إيران بالتعاون مع الروس ستزود به وكلاءها فى لبنان واليمن والعراق وفنزويلا.
يدّعى الأوكرانيون أنهم يُسقطون 10 من كل 15 مسيّرة هجومية من إنتاج إيرانى، ومن المعلومات التى تصل إلى الغرب، يمكن معرفة أن الروس ليسوا راضين تماما عن النوعية التكنولوجية للمسيّرات التى تزودهم بها طهران. لكن عمليا، الزبائن فى روسيا راضون: فهم ينجحون، بواسطة المسيّرات الإيرانية الانتحارية، فى حرمان المواطنين الأوكرانيين من الحصول على الكهرباء، ويدركون أن التعاون مع الإيرانيين يمكن أن يقدم لهم حلا سريعا لإحدى أكبر العقبات التى يواجهونها فى الحرب فى أوكرانيا ــ النقص الكبير فى السلاح الدقيق، وعجز الصناعة العسكرية الروسية عن تجاوُز هذه المشكلة بقواها الذاتية.
هذا هو السبب الذى دفع بروسيا إلى الطلب من إيران الحصول على رخصة لإنتاج المسيّرات الإيرانية فى أراضيها، الإيرانيون أعطوها الرخصة من دون تردد، ليس فقط بسبب المقابل المادى، بل أيضا لأن للمهندسين والعلماء الروس قدرة كبيرة على تحسين مدى ودقة المسيّرات الإيرانية وقدرتها التدميرية (بحسب التقارير، هى تقليد للمسيّرات الإسرائيلية من طراز «هاربى»). ويمكن جدا التقدير أن التحسينات التى سيقوم بها الروس ستنتقل إلى الإيرانيين. وستكون النتيجة النهائية مسيّرات وصواريخ محسّنة من كل الأنواع، ومتوفرة لدى حزب الله فى لبنان والميليشيات الشيعية فى العراق وسورية واليمن.
لكن التعاون لا يتوقف عند هذا الحد. فى استطاعة روسيا مساعدة إيران فى مجال المسيّرات، وأيضا فى مجال الصواريخ، من خلال تزويدها بمكونات تكنولوجية حساسة، من الصعب على إيران شراؤها من الغرب بسبب العقوبات المفروضة عليها. كما فى استطاعة الروس جعل المسيّرات الإيرانية أكثر تحصينا ضد التشويش وأكثر دقة، باستخدام شبكة الأقمار الصناعية الروسية «غلوناس»، بالإضافة إلى شبكة الأقمار الصناعية الغربية GPS التى يستخدمها الإيرانيون اليوم.
هذا ينطبق على الصواريخ والقذائف القصيرة والمتوسطة المدى التى تعهد الإيرانيون، على ما يبدو، تزويد سورية بالمئات منها. ليس من المعقول أن يطلب الروس من الإيرانيين الإذن لإنتاج صواريخ من طراز «فاتح 110»، أو «ذو الفقار»، التى تنتجها إيران فى معامل الصناعة العسكرية الروسية. لكنهم يستخدمون هذه الصواريخ فى أوكرانيا ويتشاركون مع الإيرانيين فى الدروس التى تعلموها ــ وهؤلاء سيحسّنون دقة وفتك هذه الصواريخ.

هل السلاح الغربى الذى استولت عليه روسيا سيمرّ بـ«هندسة عكسية«؟

هذا لا ينطبق فقط على العتاد الجوى، بل أيضا على السلاح البرى، مثل الصواريخ المضادة للدبابات وقذائف المدفعية الدقيقة. من المعروف أن الروس استولوا على صواريخ «جافلين» ضد الدبابات التى زوّد الأميركيون أوكرانيا بها، ونقلوها إلى إيران. وتُعتبر صواريخ الكتف هذه الأكثر تقدما فى العالم. وهى تسمح بمهاجمة الدبابات من فوق وضرب برج الدبابة، وهو الأكثر عرضة للإصابة فيها. هذه التكنولوجيا سمحت للمقاتلين الأوكرانيين بالعمل بصورة منفردة، أو عبر طواقم صغيرة، لتدمير دبابات ومدرعات الجيش الروسى. الصواريخ الروسية المضادة للدبابات الأكثر تطورا ليس لديها هذه القدرة على الإصابة من الأعلى.
الآن، فى إمكان الإيرانيين تطوير صواريخ الناتو من طراز «جافلين»، بواسطة الهندسة العكسية، ووضعُها فى استخدام حزب الله فى لبنان والجهاد الإسلامى و«حماس» فى قطاع غزة، عاجلا أم آجلا. لدى قوات الجيش الإسرائيلى وسائل دفاعية جديدة ضد الصواريخ المضادة للدباباتــ مثل منظومة «السترة الواقية» و«القبضة الحديدية» اللتين تمنحان دفاعا فعالا جيدا للدبابات والمدرعات وناقلات الجنود وغيرها. لكن حصول الجيوش «الإرهابية» فى الشمال والجنوب على صواريخ مشابهة، عملانيا، لصواريخ «جافلين» ضد الدبابات، يشكل تحديا بالنسبة إلينا.
ثمة مجال جديد بدأت روسيا بمساعدة الإيرانيين فيه، هو إعادة بناء القوات الجوية الإيرانية. فبسبب العقوبات الأميركية والدولية، لا يستطيع سلاح الجو الإيرانى شراء سلاح جديد، وهو مضطر إلى استخدام طائرات حربية وطوافات أميركية وروسية قديمة تعود إلى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى. ولذا، فهو لا يشكل تهديدا أو عقبة فى مواجهة سلاح جو عصرى يمكنه مهاجمة أهداف إيرانية جوا عندما يشاء....
الحلف الإيرانى ــ الروسى يمكن أن يثمر تهديدا خطِرا لإسرائيل. ومع غرق الجيش الروسى فى الوحل الأوكرانى، والخوف على بقائه السياسى، يصبح بوتين اليائس أكثر اعتمادا على الإيرانيين، ونتيجة ذلك، فإنه يمكن أن يطلب من إسرائيل الحد من هجماتها الوقائية التى تقوم بها ضمن إطار المعركة بين الحروب ضد تمركُز الإيرانيين ووكلائهم، وضد «برنامج الصواريخ الدقيقة» الإيرانى فى سورية.

مع كل السيئات والمخاطر التى ينطوى عليها الحلف الروسى ــ الإيرانى بالنسبة إلى إسرائيل، فإنه أيضا يمنح إسرائيل بعض الحسنات: أولا ــ الحلف غير المقدس بين طهران وموسكو، الذى ساعد الروس على تجميد المواطنين الأوكرانيين من البرد، دفع بأغلبية الدول التى تنتمى إلى الغرب الديمقراطى إلى الإدراك أن إيران هى تهديد حقيقى وملموس وخطر على السلام العالمى، ولا تشكل فقط تهديدا للاستقرار فى الشرق الأوسط، ولوجود إسرائيل. كل هذا بينما القدرات العسكرية الإيرانية هى قدرات تقليدية، ويمكن أن نقدّر ماذا سيجرى عندما تحصل إيران على سلاح نووى.
فى جميع الأحوال، يتعين على إسرائيل أن تتابع على الدوام، وعن قرب، ما يجرى على المحور الروسى ــ الإيرانى، وأن تستعد، سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا، لمواجهة تطورات غير مرغوب فيها، وأيضا استغلال الفرص عندما تسنح.

رون بن يشاي
محلل عسكري
يديعوت أحرونوت
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات