أحكام القضاء وقانون السياسة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 3:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أحكام القضاء وقانون السياسة

نشر فى : الجمعة 15 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 15 مارس 2013 - 8:00 ص

حسنا فعلت مؤسسة الرئاسة، بإعلان تمسكها بإجراء الانتخابات، بعد انتهاء المحكمة الدستورية من إقرار قانونى مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات البرلمانية، وانها لن تتراجع عن موقفها تجاه قضية تأجيل الانتخابات، وذلك بعد ان تقدمت هيئة قضايا الدولة بالطعن على حكم القضاء الادارى بوقف الانتخابات واحالة القانونين للمحكمة الدستورية، والاجراء الذى تمثل فيه هيئة قضايا الدولة رئاسة الجمهورية ومجلس الشورى ووزارة العدل، وهو بشكل أو بآخر يعتبر تراجعا من قبل مؤسسة الرئاسة التى كانت قد اعلنت فى موعد سابق عن عدم الطعن على حكم القضاء الادارى.

 

تصريحات الرئاسة بالامس، جاءت قبل ان ينفجر الموقف من جديد، خاصة ان غالبية القوى السياسية اعتبرت ان حكم تأجيل الانتخابات جاء هدية من السماء لتهدئة الاوضاع ومنح التوافق فرصة أخرى، وهو الامر الذى يجرى بهدوء الآن، وربما يعلن عنه قبل نشر هذه السطور، ولكن يبقى طعن هيئة قضايا الدولة، من الناحية السياسية، كاشفا عن امكانية تراجع مؤسسة الرئاسة عن تعهدها الجديد، مثلما تراجعت عن تعهدها السابق بعدم الطعن، أو هذا على الاقل ما تراه جماعة غير قليلة من قوى المعارضة، ولا نستطيع ان نعترض على فهمهم للامر بهذا الشكل، خاصة ان احدا لم يمهد لقرار الطعن، والذى يمكن ان يكون له وجاهته من الناحية القانونية، لكن الأكيد ان فكرة التراجع عن عدم نقض الحكم أضرت اكثر مما أفادت، خاصة فى مثل هذه اللحظات الحساسة بين اطراف المشهد السياسى.

 

وعلى هامش القصة، يجب ان نقول صراحة، ان فكرة الطعن على الحكم، أى حكم، لا يعنى ابدا عدم احترام الجهة الطاعنة للقضاء واحكامه، كما يبدو من تصريحات جميع المسئولين والسياسيين، فالرئاسة نفسها، قالت انها تحترم احكام القضاء ولن تطعن على الحكم، فقط اريد ان اقول ان الطعن على الحكم جزء اصيل من احترام القضاء والقانون منح كل متقاضٍ حق الاعتراض على الاحكام، واللجوء لدرجة تقاضٍ أخرى، دون ان يمثل هذا عدوانا على القضاء، فكما نحترم احكام القضاء، نحترم القانون الذى يستقى القضاء احكامه منه، وهو الذى يمنح المتقاضين هذا الحق، لكن كل ذلك يأتى فى اطار القانون، لكنه، ليس ابدا من باب السياسة، فالسياسة لديها لغة اخرى، واحكام مختلفة، فى مقدمتها الالتزام بالوعود وبالعهود، وهى الامور التى غابت بمجرد اتخاذ الاجراء القانونى بالطعن.

 

نعم الطعن لا يعنى عدم احترام احكام القضاء، فهذا ما يؤكده القانون، لكن الطعن ايضا، على المستوى السياسى يعنى عدم احترام تعهدات وتصريحات المؤسسة الكبرى فى مصر، وهذا فى مقدمة الامور التى يجب ان تلتفت اليها هذه المؤسسة، لأنه بتصريح منها ممكن ان تسير البلاد بخطوات للامام، وبتصريح آخر، يمكن ان تشتعل الدنيا نارا دون ان نتمكن من إخمادها، وهذا بالضبط خطر السياسة فى مثل هذه المراحل المفصلية من تاريخ الامم.

 

اعتقد انه، كلما استغنت السياسة عن القانون واحكام القضاء، كلما اعلنت عن قوتها وانها تسير فى الاتجاه الصحيح، فالقانون خلق لفض منازعات جهات او افراد عجزت عن التفاوض او الاستمرار فيه، وهى امور مقبولة فى اطار نزاع افراد او جهات، أما السياسة التى تتعلق بأمور الأمة فليس من الجيد ابدا ان تذهب الى القضاء وتحتكم للقانون، فهى بذلك تكشف عن عجزها وتعلن فشلها فى القيام بمهامها والتى تبدأ وتنتهى ايضا بالتفاوض والحوار وبالتنازلات احيانا، لا بالقانون ولا بثغراته، كما يحاول ان يلعب الجميع دائما.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات