معضلة تباطؤ روسيا - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 6:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معضلة تباطؤ روسيا

نشر فى : الخميس 14 نوفمبر 2013 - 7:40 ص | آخر تحديث : الخميس 14 نوفمبر 2013 - 7:40 ص

نشرت جريدة الفاينانشال تايمز افتتاحية بعنوان «معضلة تباطؤ روسيا» تتناول فيها التحديات التى تواجه فلاديمير بوتين فى فترته الرئاسية الثالثة، ترى الجريدة أن التحدى الأكثر إلحاحا، ومن المحتمل أن يكون وجوديا بالنسبة للقيادة، هو التباطؤ الهائل فى النمو الروسى. فالخفض الذى أعلنته وزارة الاقتصاد الأسبوع الماضى للنمو السنوى طويل المدى حتى عام 2030 إلى 2.5 بالمائة، مقابل 4.3 بالمائة قبل ستة أشهر فحسب، لحظة فارقة.

إنه يقوض مكانة روسيا فى البريكس، وهى الأسواق الناشئة سريعة النمو التى كان من المفترض أن تزيد مجتمعة حصتها من الإنتاج العالمى زيادة حادة. أما فى معدل النمو الجديد المتوقع فلن تزيد حصة روسيا، بل ستقل.

وتشير الجريدة الى أن هذا التباطؤ يهدد الهامش الضمنى الذى تقوم عليه البوتينية، وهو أن يتخلى المواطنون عن بعض حرياتهم الديمقراطية مقابل توفير الحكومة لمستويات المعيشة المتزايدة. ومن الواضح الآن أن نموذج النمو، الذى مكن الحكومة من تحقيق الجانب الخاص بها من الاتفاق فى فترتى رئاسة بوتين الأوليين، ينضب تدريجيا.

وقد اعتمد هذا النموذج على سيل عائدات النفط والغاز القائمة على المصادفة، حيث ارتفعت الأسعار العالمية ارتفاعا كبيرا على نحو سمح بزيادة معاشات التقاعد والرواتب وبدأ انتعاشا استهلاكيا.

نفدت القدرة الاحتياطية، كما أن الاستثمار المحلى والأجنبى منخفض جدا. وتقول «كابيتال إيكونوميكس» إن الاستثمار الثابت الروسى يمثل 21 بالمائة من الإنتاج وهو ما يقل كثيرا عن الـ50 بالمائة الصينية والـ35 بالمائة الهندية، أو متوسط السوق الناشئة وقدره 27 بالمائة. وإذا كان لابد للصين من التحول من الاستثمار الذى يحركه الاستثمار إلى النمو الذى يحركه الاستهلاك، فسوف يتعين على روسيا أن تسير فى طريق آخر.

وترى الجريدة أن المخاطر عالية. ذلك أن الاحتجاجات ضد نظام بوتين حتى الآن يقوم بها سكان موسكو الميسورون الذين يتوقون إلى المزيد من الحريات السياسية. وإذا كان النمو أضعف من أن يحقق الزيادات الأخرى التى وعدوا بها فى المرتبات ونوعية الحياة، فمن الممكن أن يتضخم السخط فى الأقاليم التى لا تزال أساس تأييد بوتين. فحتى الآن الاحتجاجات هناك متناثرة. لكن الأدلة غير الموثوق بها تشير إلى تزايد عدم الرضا، المسئولة عنه بشكل جزئى الخدمات العامة المتداعية والكسب غير المشروع الخبيث.

مع دوران الاقتصاد بكل طاقته تقريبا وانخفاض معدل البطالة، سوف يحقق الحافز النقدى القليل، ما عدا عند إتاحة القروض للأعمال الصغيرة. والمهمة شديدة الأهمية هى زيادة الاستثمار بتحسين مناخ الأعمال، من خلال الإصلاحات الهيكلية الشاملة ولكنها صعبة.

يبرز بين تلك الإصلاحات تعزيز حقوق الملكية والحماية من ابتزاز الدولة على كل المستويات. ويعنى هذا إقامة قضاء مستقل وحكم القانون. والأعمال الروسية الكبيرة لا تفتقر إلى المال. لكن كما أوضح هروب رؤوس أموال بمئات المليارات من الدولارات، يشعر أعضاء حكم الأقلية بقدر أكبر من الأمان بالاستثمار فى عقارات لندن أكثر مما فى المصانع الروسية.

•••

وترى الجريدة أنه ينبغى أن يكون هناك إصلاح مالى كذلك لإعادة توازن الإنفاق بعيدا عن معاشات التقاعد وفى اتجاه البنية التحتية التى هناك حاجة شديدة إليها. وبرنامج الخصخصة الجديد لم يتم فى موعده المتوقع، وكان المقصود به هو الحد من الثقل الاقتصادى الزائد على الحد للقطاع العام. وتحسين حراك العمالة أولوية أخرى، وسياسات الهجرة لضمان اجتذاب روسيا للمهاجرين المهرة للتعويض عن قوة العمل المحلية المنكمشة. ومع تزايد النزعة القومية، من المتوقع أن تصبح هذه القضية شائكة إلى حد كبير.

المشكلة هى أن الخبراء الروس قدموا تلك الوصفات منذ سنوات. ومع ذلك يقول رجال الأعمال والوزراء على نحو كبير من العلانية الآن إن كل شيء يعتمد على الرئيس. ويبدو أن السيد بوتين ليست لديه الرغبة فى اتخاذ الخطوات التى يمكن أن تؤدى إلى انزياحات قصيرة المدى وتخفف من قبضة دائرته على السلطة والثروة.

وفى الختام تشير الجريدة الى أنه ليس واضحا أن النظام الحاكم فى روسيا، القائم على ريع الموارد الطبيعية، قادر على تقديم تلك الإصلاحات. إذ ستتعرض مصالح راسخة كثيرة جدّا للتهديد. إلا أنه لكى تصادف الإصلاحات نجاحا لابد للرجل الذى فى القمة من التعهد بإجراء تلك الإصلاحات. ومعضلة السيد بوتين هى أنه ربما يُلعن إن لم يتعهد ويُلعن إن هو تعهد.

FINANCIAL TIMES

التعليقات