مصر وحالة الضعف المشترك - خالد الخميسي - بوابة الشروق
الخميس 16 مايو 2024 9:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر وحالة الضعف المشترك

نشر فى : الأحد 14 أغسطس 2011 - 9:06 ص | آخر تحديث : الأحد 14 أغسطس 2011 - 9:06 ص

 يستعمل الناس والإعلام يوميا كل ما يمكن أن يربطهم بالعالم ولكنهم فى حالة غفلة كاملة عما يدور فى هذا الكوكب. ورغم أن الأدبيات العالمية فى إدارة المخاطر العالمية تتناول التغير المناخى والمخاطر النووية والتلوث والاحتباس الحرارى والحرب الالكترونية والأوبئة العالمية والتداعيات الاقتصادية للازمات المالية والأوبئة، إلا أن التحديات الكبرى التى يتعرض لها الإنسان فيما يتعلق بحياته اليومية تترابط بصورة غير مسبوقة عبر الحدود القارية فيما يطلق عليه بـ«حالة الضعف المشترك». ومن ثم لا يمكننا أن نفهم بجدية الثورة المصرية دون أن نعى أن مرحلة إمبريالية الشركات متعددة الجنسيات التى سيطرت على مجريات الكون فى النصف قرن الأخير تتهاوى وأن عالما جديدا يبزغ.

كتبت «سرى مولانا أندرواتى» وزيرة المالية الأسبق فى اندونيسيا أن تجربة بلادها فى المرحلة الانتقالية من حكم استبدادى إلى حكم ديمقراطى تجلت بوضوح فى الإرادة السياسية على المستوى الرسمى، عبر قوانين جديدة وتشريعات مكنت المواطنين من حرية التعبير الحقيقى وحرية تكوين الجمعيات، وقد شكل المجتمع المدنى أهمية بالغة فى المرحلة الانتقالية. وكانت الرسائل السياسية واضحة لعامة الناس: أن لا أحد فوق القانون وأن الانتخابات سوف تنعقد بحرية واستقلال وشفافية. فيما يتعلق بالأمن قالت «سرى مولانا أندرواتى» إن القوات الأمنية تتآلف فى العموم من فلول النظام القديم، كما تفتقر البلاد إلى نظام قضائى مستقل، وأن الإصلاحات فى هذا السياق تستغرق وقتا طويلا، وقد لا يكون البيروقراطيون القدامى قادرين على تنفيذها. وأضافت أن الفساد آفة التنمية فى كل مكان، لذا، يتعين وضع التدابير اللازمة لمكافحته. وقد قامت إندونيسيا بسن مائة قانون فى أقل من ثمانية عشر شهرا، وغطت تلك القوانين كل شىء من حرية وسائل الإعلام إلى الانتخابات والفساد واللامركزية وقوانين مكافحة الاحتكار وضمان استقلال البنك المركزى.
<<<

أما عن الانتخابات العامة فى تايلاند والتى جرت فى 3 يوليو الماضى، كتب «ثيتينان بونجسودهيراك» مدير معهد الدراسات الأمنية والدولية فى جامعة تشولالونجكورن أن نسبة الإقبال كانت 75% إجمالى عدد الناخبين، وهى نسبة كبيرة إلى درجة تمثل تحديا حاسما للنظام المترسخ فى البلاد. لقد تمكن حزب بيو تاى بقيادة ينجلوك شيناواترا، الشقيقة الصغرى لرئيس الوزراء السابق الهارب والمقيم حاليا بالمنفى، من تحقيق انتصار ساحق حيث فاز الحزب بمائتين وخمسة وستين مقعدا فى البرلمان الذى يبلغ عدد مقاعده خمسمائة بينما لم ينجح الحزب الديمقراطى الحاكم إلا بالفوز بمائة وتسعة وخمسين مقعدا فقط. وتعكس تلك النتيجة حالة الفوران السياسى التى تم تصديرها من الثورات العربية. فالأنظمة الحالية المترسخة فى كل مكان سوف تكون تحت ضغط شديد بسبب التقدم الحاصل فى تقنية المعلومات والتغيرات فى الجوانب الديموغرافية والزيادة فى طموحات الناس وتوقعاتهم وتقادم مقتضيات الحرب الباردة.

عكست الانتخابات الأخيرة فى تايلاند انقطاعا عن الماضى ففى النصف الثانى من القرن العشرين بدت الانتخابات التايلاندية وكأنها تتناوب مع الانقلابات العسكرية. لقد كان يتم بيع وشراء الناخبين مثل البضائع وبعد الانتخابات بالكاد كان الناخبون يشاهدون نوابهم البرلمانيين او يسمعون اى شىء عنهم علما بأن هولاء النواب كانوا عادة ما ينخرطون فى الفساد واستغلال مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية فى بانكوك مما أدى فى نهاية المطاف إلى فقدان هولاء النواب لشرعيتهم وهو ما مهد الطريق للانقلابات العسكرية والتى كان يتبعها دائما دستور جديد وانتخابات. وكانت هذه الحلقة المفرغة من الانقلابات والدساتير والانتخابات من ابرز خصائص السياسة فى تايلاند لعقود من الزمان، وهو نموذج يعكس مقتضيات الحرب الباردة وهناك دلائل أنه الآن فى حال الانحسار.
<<<

النظام العالمى فى أزمة هيكلية. العالم يتغير لبناء نظام عالمى جديد، والثورة المصرية جزء من هذا التغير، ولدينا فرصة عظيمة أن نكون من بين الدول القائدة لهذا التغيير فى حال توافر الإرادة السياسية.

خالد الخميسي  كاتب مصري