الخوف على الجامعة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 3:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخوف على الجامعة

نشر فى : الأربعاء 14 مايو 2014 - 2:45 ص | آخر تحديث : الأربعاء 14 مايو 2014 - 2:45 ص

فى ظل الحديث الطويل والمتكرر، هذه الأيام، بمناسبة الانتخابات الرئاسية، والتى أبدت خلالها أصوات عديدة، ضرورة ربط الاختيار بخيارات مستقبل البلاد، أجد من الواجب أن نفتح ملف الجامعات فى مصر، وحينما أتحدث عن الجامعات، لا أتحدث فقط عن التعليم الجامعى، وإنما الجامعة بمفهومها الشامل ووظائفها الواسعة والتى منحت هذا الكيان التعليمى التثقيفى مصطلح «جامعة» المشتق من الجمع، أفرادا وقضايا وثقافة وممارسات إلى آخر ذلك، وحينما تم تأسيس جامعة القاهرة فى عام ١٩٠٧، صارت مصر بعدها غير مصر قبلها، ونعلم جيدا أن مصر قبل ١٩٠٧ كان بها العديد من المدارس العليا، وهى مدارس تماثل الكليات الآن وكانت تقوم بالواجبات التعليمية على أكمل وجه، لكن المدارس/ الكليات، غير مؤهلة للقيام بالدور الذى تقوم به الجامعة بإمداد المجتمع بحيوية وحياة وفكر لا تستطيع أى مؤسسة غيرها تقديمهم، وغنى عن البيان التاريخ الوطنى المشرف لجامعات مصر فى جميع القضايا التى واجهتها الأمة، من التنوير والحداثة إلى الهزيمة والحرب، دون أن نغفل دور الجامعات فى البحث والتفاعل مع البيئة المحيطة، وكل ذلك لا علاقة له بدورها المركزى بتعليم أبناء الوطن تعليما راقيا يمد سوق العمل بقوة بشرية هائلة، ساعد كثيرا فى تقدم وتطور هذه الأمة.

مؤخرا، تحدثت مع بعض أساتذة الجامعات، والذين عكسوا لى خوفهم الشديد على جامعاتهم من كل شىء، من دورها ووظيفتها، إلى طلابها وأساتذتها، وأنهم مرعوبون من انهيار هذا الكيان الذى يرونه فى مقدمة الكيانات القادرة على نهضة الأمة، وفى تصورهم أنه لم يتم بذل الجهد فى العناية بهذا الكيان، سواء للجامعات العريقة صاحبة التاريخ والإمكانات الهائلة والسمعة الحسنة، أو الجامعات التى تحتاج لإمكانات مادية وبشرية لتحظى بالسمعة الحسنة، وأنهم فى غاية الانزعاج من تلخيص فكرة استقلال الجامعة فى إبعاد الشرطة عن حرمها، وأن القضية أكبر من ذلك بكثير، كما أنها أكبر من تلك التظاهرات التى تشهدها الجامعة منذ عدة أشهر، بما فى ذلك أعمال العنف والتخريب، فهم يرونها عارضة، وليست لب المشكلة ولا جوهرها، لأن الاستقلال الحقيقى للجامعة، يعنى الاستقلال عن الدولة وعن أى قوى أخرى ترغب فى الهيمنة عليها وتسييرها بعيدا، عن أفكار أساتذتها وتفاعلهم مع طلابهم وبحوثهم ونقاشاتهم ومؤتمراتهم، وأن الجامعة إذا استقلت فعلا، فهى قادرة على ضبط إيقاعها وعودتها لمكانتها الطبيعية فى المجتمع.

فى الجامعة، يشعرون الآن برعب من انهيارها، وخطفها، وأعتقد أننا علينا مشاركتهم ذلك، والتحرك من أجل منعه، فلا رابح من انهيار عقل البلاد ومصنع أفكارها، هم يشعرون بالرعب لأنهم يلمحون تحركات تعتدى على ما تبقى لهم من استقلال، الحكومة تحدثهم عن قرارات جديدة لتغيير طريقة اختيار الرؤساء والعمداء، والأحكام القضائية، تفرض عودة الحرس للحرم، وتعليمات شفوية بعدم عقد المؤتمرات دون إبلاغ جهات بعينها، وخروقات لطلاب يتجاوزون بها طبيعة العلاقة مع الأستاذ، وبعض أعضاء هيئة التدريس يلعبون لغير صالح مؤسستهم، والمناهج تنتهك لصالح سياسات أمنية ترغب فى تقليص العام الدراسى، وربما لا أصدم أحدا عندما أقول أن أحد الأساتذة الأفاضل بكى وهو يتحدث عن جامعته.. مما دفعنا لإنهاء النقاش، والاعتقاد حقا، أن كل ما نملكه الآن هو البكاء على الجامعة.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات