نازلة السلالم - غادة عبد العال - بوابة الشروق
الإثنين 13 مايو 2024 5:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نازلة السلالم

نشر فى : الثلاثاء 11 ديسمبر 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 11 ديسمبر 2012 - 8:00 ص

هناك شعور بين الكثير من النساء والفتيات هذه الأيام أن ثورات العالم العربى لم تقم إلا من أجل عيوننا، فى الحقيقة دى كانت مفاجأة عظيمة، صراحة ما كانش عندنا فكرة إننا بهذه الأهمية إلا فى اللحظة اللى توارت فيها كل مشاكل المجتمع وظهرنا إحنا على مسرح الأحداث كأهم وأكبر مشكلة لابد التعامل معها فى التو واللحظة ودون أى تأخير. لما بترتفع أصوات واضعى القوانين وكتاب الدساتير ما بنسمعش أصواتهم بتتجادل بخصوص حد أدنى للأجور ولا ضرائب تصاعدية، ما بنسمعش إلا جدالهم بخصوص السماح بتزويجنا فور البلوغ ما دمنا نطيق، رغم إن مافيش حد بيحدد مين بالظبط اللى هيقرر ما نطيقه أو ما لا نطيق،  اللى احنا متأكدين منه إنه أى شخص آخر غيرنا على الأرجح... نتابع كل يوم المعارك اللى ما بتحتلش مناهج التعليم اللى عفا عليها الزمن ولا قوانين الإيجارات المجحفة لكل الأطراف بؤرتها لكن بتحتل بؤرتها شعورنا وأجسادنا،  وكأنه سر حربى وشأن قومى ما نكشفه وما نغطيه،  فشعورنا قادرة على جذب جيوش الأعداء وأجسادنا قادرة على زلزلة الأرض تحت الأقدام،  وكيفية تغطيتنا لشعورنا وأجسادنا هى الشيء اللى هيفرق بين الازدهار الاقتصادى وانحدار دولتنا العظيمة الجبارة لمصاف الفقراء. واحنا أساسا جنس فاقد الأهلية، وكل قراراتنا اللى بتتعلق بأجسادنا لازم يتخذها حد تانى بالنيابة عننا.

 

تولينا مناصب قيادية أصبح محل نقاش، تولينا لأية مناصب على الإطلاق بأه مادة شد وجذب،  بعد عقود من فتح الأبواب قدامنا أو مواربتها على الأقل، بقينا حاسين إن الثورات فى الأساس قامت عشان تغرى كل اللى نفسه يمد إيده ويقفل مليون باب فى وشنا بالمحاولة. سمعت عن البنت النابغة اللى بتنصب أبحاثها على استخدام بقايا الزجاجات البلاستيكية لتوليد نوع جديد من الوقود، هل هييجى اليوم اللى هتضطر فيه إنها تسيب تجاربها لأحد زملائها «الذكور» وتقعد فى بيتها تتابع فقط لأن تركيبها الجينى لا يرضى عنه أولاة الأمر اللى أكيد مقتنعين بكلام أحد شيوخهم اللى صرح إن البنات لا ليهم فى التفكير ولا فى العلم؟. أعرف أم لبنتين، بتشتغل مصففة شعر عشان تقدر تصرف عليهم وبتحلم بأن واحدة فيهم تبقى طبيبة والتانية مهندسة، بينما بيستمتع زوجها بتدخين ما طاب له من الحشيش على القهوة كل يوم، هل سيكون عليها فى يوم من الأيام إنها تبطل تصرف على بناتها وتسيب المهمة لأبوهم اللى هيلاقى كل دعم وتشجيع يوم ما يقرر يبيع واحدة فيهم بعقد زواج لعجوز فى الستين، وهو بيأكد إنه أبوهم وعارف مصلحتهم وعارف يقينا إن كل واحدة فيهم مستعدة لمسئوليات الزواج وأنها بالتأكيد «تطيق» معاشرة زوجها؟. أعرف كاتبات شابات ومخضرمات بينوروا بأقلامهم عقول شباب وشابات، بيستعدوا لعصر يتحولوا فيه للكتابة عن وصفات الطبخ والتداوى بالأعشاب إن سمح لهم أصلا إنهم يكتبوا حرف واحد، أصل عقولهم الصغيرة مش هيبقى المفروض إنها ترهق نفسها بالتفكير فى أمور «الرجال»،  وكيف يتلقى رجل أصلا علم من ناقصة عقل ودين؟.

 

أعرف مهندسات وطبيبات ومعلمات وفنانات وعالمات ومبتكرات، كانت أحلامهم إن الثورات تفتح الأبواب وتكون حدود طموحاتهم هى السحاب،  إلا أن سفينة الثورات العربية أبت إلا أن ترسو فوق رءوسهن. تمتلئ وسائل الإعلام ويمتلئ الفضاء الإلكترونى وتمتلئ مناقشات لجنة كتابة الدستور بأخبارنا،  إحنا المشكلة اللى قامت الثورات عشان تعالجها،  إحنا المبرر الرئيسى لإسقاط الأنظمة،  إحنا اللى الشعوب نزلت بسببنا للشوارع والميادين بعد ما فاض بيهم الكيل مننا، حقيقى إحنا شاكرين للجميع، ما كانش عندنا أى فكرة إننا بهذه الأهمية، ما كناش نعرف إن مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والفكرية والثقافية كلها بتتضاءل إلى جانب سحر عيوننا. شكرا لكم لتنبيهنا إننا الخطر اللى بيحدق بالجميع ويهدد أساسات حضارتنا العظيمة اللى بنقف حجر عثرة بينها وبين استعادتها لأمجادها السابقة،  شكرا للى نبهونا إن السبيل الوحيد اللى هترقى فيه أمتنا العظيمة درجات سلم التحضر والنجاح،  هو إننا كنساء ننزل السلالم اللى طلعناها سلمة سلمة لحد ما نختفى تحت الأرض، ووقتها بس هيبقى الوقت مناسب لكم ــ ذكورنا الأعزاء ــ لإنكم تبنوا نهضتكم فوق رءوسنا، نهضة سعيدة إن شاء الله.                 

التعليقات