مؤتمر الرياض.. توحيد الصف السورى - نادر بكار - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 4:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مؤتمر الرياض.. توحيد الصف السورى

نشر فى : الخميس 10 ديسمبر 2015 - 10:25 م | آخر تحديث : الخميس 10 ديسمبر 2015 - 10:25 م

الرياض بدأت فصلا من المرجح أن يكون حاسما فى تحديد الطور الجديد الذى سيأخذه الصراع الدولى على أرض سوريا.. على مدى ثلاثة أيام استضافت العاصمة السعودية مختلف فصائل المقاومة السورية على تباين منطلقاتها السياسية والعقائدية والفكرية، بهدف صياغة رأى موحد حول سوريا المستقبلية.

الثورة السورية وجهت منذ اليوم الأول لاندلاعها قبل أربع سنوات بقمع وحشى شُرد على إثره أكثر من نصف تعداد الشعب السورى خارج منازله، وقُتل أكثر من مليون مدنى، ودمر نحو ثلاثة أرباع البنية التحتية والمساكن، وخلف نحو نصف مليون بين غائب ومعتقل، ومثلهم من أصحاب العاهات الدائمة، غير أرامل وأيتام يستحيل الآن حصر أعدادهم.

وتحول الأمر بشكل أكثر مأساوية خلال السنتين الأخيرتين بعد دعم روسى وإيرانى سافر فاقم من حجم معاناة السوريين، مستبيحا أرضهم ووموطنا نفسه على بقاء طويل فوق أنقاض بيوتهم.. تطورت الأوضاع لتشبه فرض أمر واقع يزداد كآبة يوما بعد آخر على المنطقة بأسرها وليس على السوريين وحدهم.

لم تعد الحرب بالوكالة أو من خلال مرتزقة، وما كان بالأمس يُنفى صار اليوم يُتبجح به، وأضحت سوريا حقيقة لا مجازا لعبة للأمم تنشأ لأجلها الأحلاف وتفَض، ويعقد عليها الاتفاق السياسى أو ينقض، وتتعاظم فيها أدوار وتتصاغر أخرى.. كل هذا ومعاناة الشعب نفسه قائمة لا تحل.. ولا يبدو أنها ستحل فى القريب العاجل على الأقل.

الرياض الآن تلعب بكل أوراقها لحسم الصراع، لم يعد الأسد هو ما يعنيها.. استعجل الروس ومن قبلهم الإيرانيون اللعبة الصفرية دون مواربة باب واحد على الأقل لمفاوضة سياسية، وكلاهما يراهن على أن مزيدا من الضغط سيولد عند الطرف السعودى تقهقرا أو على الأقل ترددا.

السعوديون يراهنون بدورهم على أن الغرق فى وحل المستنقع السورى سيكون من نصيب غرمائهم، وعلى أن إمكانية نقل الصراع إلى آفاق أبعد من دمشق خيار ٌمطروح بقوة، لرفع تكلفة التدخل الإيرانى الروسى إلى أقصى درجة ممكنة.. التضييق الاقتصادى على الروس قد يكون بطىء المفعول، لكنه ناجع جدا على المدى البعيد، بل حتى على المدى القصير، ولعل تصريحات مدفيدف الأخيرة للتليفزيون الروسى عن ارتفاع الأسعار فى موسكو بعد قرار مقاطعة البضائع التركية، يشير إلى حد كبير بهشاشة الوضع الاقتصادى الروسى، رغم أن القرار كان أحادى الجانب ابتداء.

الروس تألموا فى الآونة الأخيرة بشدة من تلاعب الرياض بورقة أسعار النفط، ومن المرجح أن تتفاقم المعاناة أكثر مع تكلفة حرب بوتين الخاصة فى سوريا، ومع دخول تركيا على الخط ندا لم يكن فى حسابات موسكو أبدا.

توحيد الرياض لصفوف المقاومة السورية، من شأنه أن يبعث بأكثر من رسالة للأطراف المتصارعة، أولها أن فزاعة الحرب على الإرهاب لم تعد تجدى فى تخويف أحد من استمرار الدعم المادى والمعنوى للمقاومة السورية الحقيقية، وثانيها أنه لم يعد أمام الرياض وحلفها سوى المضى قدما فى المواجهة وتحمل جميع عواقبها، وهذه الرسالة لا تخص الروس والإيرانيين وحدهم بقدر ما هى موجهة لواشنطن وحلفائها أيضا، وثالث الرسائل فى إعطاء السوريين أنفسهم طوق نجاة ينتشلهم قبل الغرق فى دوامة الخلافات البينية والتنازع على هوية سوريا ما بعد بشار.