تحول جنوب أفريقيا عن مبادئ نيلسون مانديلا - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 3:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحول جنوب أفريقيا عن مبادئ نيلسون مانديلا

نشر فى : الأربعاء 9 سبتمبر 2015 - 8:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 9 سبتمبر 2015 - 8:05 ص

نشرت مجلة الإيكونومست، مقالا عن السياسة الخارجية لدولة جنوب أفريقيا؛ وبخاصة فيما يتعلق بقضايا الحريات وحقوق الإنسان. يتناول المقال مدى الانحراف الذى حدث فى السياسة الخارجية للبلاد عن المبادئ الأساسية التى وضعها «نيلسون مانديلا»، لتتبع نهجا آخر أقرب لتهميش حقوق الإنسان وانتهاكها. ولنفهم مدى انحراف جنوب أفريقيا عن تراث نيلسون مانديلا، بدا المقال بأحدث ورقة فى السياسة الخارجية، والتى صاغها قيادات المؤتمر الوطنى الأفريقى الحاكم.

تقول الورقة، إن سقوط جدار برلين، لم يحقق إطلاق سراح الأمم الأسيرة فى أوروبا، ولكن انتصارا مؤسفا للإمبريالية الغربية. وكانت الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية فى ميدان تيانانمين بالصين، ثورة مضادة مدعومة من الولايات المتحدة. ويعتبر الغزو الروسى لشرق أوكرانيا نزاعا «يدار من واشنطن». ويعتبر إسقاط الحكومات الديمقراطية، هدف السياسات الأمريكية الوحيد فى أفريقيا والشرق الأوسط. وينبغى على جنوب أفريقيا أن تسعى لطرد القواعد العسكرية الأمريكية «كجزء من الحركة الثورية العالمية لتحرير البشرية من عبودية الإمبريالية».

ولو كان هذا الكلام خدعة، لكان مسليا. غير أنها وثيقة جادة تماما، سوف تتم مناقشة محتوياتها فى المؤتمر السياسى للمؤتمر الوطنى الأفريقى فى أكتوبر. ومن بين كتابها عدد من الوزراء الحاليين والسابقين، منهم وزير خارجية سابق. ولا شك أن جنوب أفريقيا تخاطر بالتحول إلى أضحوكة، لاسيما فى أفريقيا نفسها.

***
يشير المقال إلى أنه عندما صار مانديلا أول رئيس ما بعد الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا، قاد البلاد للخروج من العزلة. وتعهد باتباع سياسة خارجية «تسير على هدى حقوق الإنسان». ويجب الاعتراف أنه وخليفته، ثابو مبيكى، قاما بتطبيق المبدأ على نحو متضارب. فقد دعت جنوب أفريقيا إلى فرض عقوبات ضد سانى أباشا، الديكتاتور الوحشى فى نيجيريا، ودافعت بقوة عن المحكمة الجنائية الدولية. إلا أنها دللت طغاة أيضا مثل معمر القذافى، الذى وصفه مانديلا «أخى القائد»، ودعمت روبرت موغابى حتى وهو يقود زيمبابوى إلى الخراب، ووقفت إلى جانب روسيا والصين فى معارضة العقوبات على ميانمار.

وفى ظل جاكوب زوما، الرئيس الحالى، انحرفت السياسة الخارجية للبلاد بعيدا عن مبادئها السابقة. فيضيف المقال، أنه عندما دُعى الدالاى لاما لحضور اجتماع الحائزين على جائزة نوبل للسلام فى جنوب أفريقيا، رفضت الحكومة منحه تأشيرة. ومع ذلك، رحبت بعمر البشير، رئيس السودان، على الرغم من توجيه الاتهام إليه من قبل المحكمة الجنائية الدولية، بشأن أعمال الإبادة والاغتصاب الجماعى فى دارفور. وبدلا من ترك زعيم أفريقى يواجه مثل هذه الاتهامات البشعة، أبعده المسئولون فى حكومة زوما، قبل أن تصدر محكمة فى جنوب أفريقيا أمرا باعتقاله.

ولا شك أن جميع البلدان تسعى لتحقيق التوازن بين المبادئ والمصالح الوطنية. غير أن السياسة الخارجية الثورية لجنوب أفريقيا لا تخدم أى منهما. فمن حيث المبادئ: ربما يكون شعب جنوب أفريقيا ممتنا لمعارضة الاتحاد السوفيتى للفصل العنصرى، ولكنهم أيضا فخورون بحقوق الإنسان المكفولة لهم دستوريا. ولا يكاد يكون هناك من يقتنع بحجة حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى، أن روسيا فى عهد فلاديمير بوتين ضحية، وأن باراك أوباما ظالم قاس لها.

***
وهنا ظهر التساؤل؛ ماذا عن المصلحة الذاتية؟ يرغب حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى التقرب إلى بلدان البريكس، النادى الذى يضم أيضا البرازيل وروسيا والهند والصين، ويسعى إلى خلق قوة اقتصادية عالمية بديلة. وصحيح أن التجارة مع الصين، مهمة بشكل خاص. لكن أوروبا لا تزال أكبر شريك تجارى لجنوب أفريقيا، وتأتى أمريكا، التى تعطى المنسوجات والسلع المصنعة القادمة من جنوب أفريقيا، معاملة تفضيلية فى الوصول إلى أسواقها، فى المركز الثالث. ويبدو أن حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى يعتقد ان التجارة مع الصين لن تزدهر، إلا إذا كانت جنوب أفريقيا معادية للغرب. وهذا كلام فارغ، حيث يتبادل العديد من البلدان التجارة على نحو مربح مع الصين، فى حين يحافظون على التقارب مع أمريكا.

ويوضح المقال، أن حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى، يعتقد أن على جنوب أفريقيا أن تدافع عن أفريقيا. لكن أوروبا وأمريكا ليسا عدوين لأفريقيا. على العكس تماما. فقد أنقذت خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز؛ أحد برامج المساعدات الأمريكية، الملايين من الأرواح الأفريقية. ولا يمكن لأى من دول البريكس ادعاء مساعدات مماثلة. كما أنها لم تحشد، مثلما فعلت الدول الغربية، الجنود والمعدات والمعلومات الاستخباراتية، عندما اجتاحت الميليشيات الجهادية مالى أو شمال نيجيريا.

وأختتم فى النهاية، بأن الانتقال السلمى قدم إلى الديمقراطية فى جنوب أفريقيا، الأمل لقارة تعانى منذ زمن طويل من الطغاة والمتجمدين عقائديا. وإذا كان حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى يرفض الآن الأصدقاء الليبراليين لجنوب أفريقيا، ويتقارب مع بعض أكثر الأنظمة شرا فى العالم، فسوف يسئ للأفارقة إساءة بالغة.

التعليقات