إلى من يهمه الأمر - غادة عبد العال - بوابة الشروق
السبت 11 مايو 2024 5:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إلى من يهمه الأمر

نشر فى : الخميس 9 يوليه 2009 - 7:39 م | آخر تحديث : الخميس 9 يوليه 2009 - 7:39 م

 
إلى من يهمه الأمر.. إلى أصحاب القلوب الرحيمة.. إلى جميع جمعيات حقوق الحيوان فى العالم...إلى أى حد فى قلبه ذرة رحمة يا جدعان.. كانت تلك هى مقدمة الرسالة التى وصلتنى من المتحدث الرسمى باسم حيوانات مصر المحروسة يشجب ويستنكر ويندد فيها بقيام التحالف العسكرى بين وزارة الصحة ووزارة البيئة وبالحرب الشعواء التى تشنها كل الأجهزة المعنية عليه وعلى زملائه الأبرياء..

بقية الرسالة تقول: أيها السادة الأجلاء.. إنهم يشنون علينا الحرب بمعناها وبغير معناها.. بفحواها وبغير فحواها.. مش عايزين يقتلوا 100 ولا 200 دول رافعين شعار انسف حمامك القديم..

ناويين يخلصوا على المملكة الحيوانية كلها.. فى الأول الفراخ وبعدين الخنازير ودلوقتى الفران ومين عارف بعدها الدور هييجى على مين ؟.. إنتوا فاضيين يا جماعة؟.. مش لاقيين حاجة تعملوها.. وبعدين إحنا كنا عملنا فيكم إيه يعنى؟.

لحد دلوقت إنفلونزا الطيور مات منها 10 ــ 15إنسانا.. إنفلونزا الخنازير لم تقتل مصريا واحدا.. الطاعون موطنه قرية واحدة وحيدة فى ليبيا.. ومات بسببه فرد أو اتنين هناك مش هنا..

ماقتلش ولا لسه بيقتل ملايين زى السرطان اللى بأه من الأمراض المتوطنة ولا الفشل الكلوى اللى قربوا يعملوله خانة فى البطاقة ولّا فيروس سى اللى بأه عدد المصابين بيه أكتر من مشجعى النادى الأهلى.. وبعدين دا إنتوا عندكوا ناس أكلوكم سنين وسنين خضار مسبك بالمبيدات المسرطنة..

ناس لغاية دلوقتى بيأكلوكم قمح فاسد بالهنا والشفا.. ناس اتسببت فى غرق ألف واحد فى عبارة وماحدش قالهم تلت التلاتة كام مين اللى يستاهل يتعدم ويترجم بالطوب ؟.. الناس دى كلها ولّا الفرخة والخنزير؟ إنتوا بتتشطروا علينا إحنا؟..

إحنا طبعا مقدرين ظروفكم الصعبة وعارفين كويس إن دى هى الحاجة الوحيدة اللى فى إيديكم تعملوها.. تسنوا السكاكين وتجيبوا الفصيلة من أولها لآخرها.. مش مسألة سيطرة على الأوبئة أصلها مش أوبئة ملاكى بتاعتكم إنتوا وبس.. دى فى كل بلد على مستوى العالم.. ومع ذلك لا سمعنا حد بيعدم الفراخ ولا بيرجم الخنازير ولا بيخرب بيت حد من اللى بيربيهم..

لكن يظهر إنكم واخدين المسأله مَلْو خانات..عشان على الأقل قدام كل الناس يبقى شكلكوا بتعملوا حاجة للحد من مآسى وهموم الشعب المصرى.. يعنى لو حد سأل عملتوا إيه لمواجهة زيادة نسبة الإصابة بالسرطان؟ تكون الإجابة.. ما كناش فاضيين الحقيقة كنا بندبح فى الفراخ..

طب إمتى يتم محاسبة المسئولين عن صفقات القمح الفاسد؟.. مش وقته حضرتك إحنا مركزين فى قتل الخنازير.. طب ليه المنتخب عمره ما بيوصل كاس العالم.. لا سيادتك ما تقلقش إحنا بس أول ما نخلص على كل الفران هو هيوصل لوحده على طول.. هو ده السر فى الحرب المعلنة لكن لا فيه سبب مقنع ولا فيه نتيجة حاسمة.. خلاص إحنا قربنا ننقرض وبيوت الناس اللى بيربونا جابت درفها واتخربت.. يا رجالة.. يا جدعان.. الكلام ده يرضى مين بس ؟.

إلى هنا انتهت الرسالة لكن دعونى أتساءل..إحنا ليه فى الفترة الأخيرة بقينا بنهتم قوى بمرض من الأمراض فنقوم بتصرفات هستيرية تخرب بناء عليها آلاف البيوت وتشرد بسببها آلاف الأسر؟.. ده غير إننا فى المراحل الأولى لما ما بيكونش فيه خطر حقيقى تجد الاهتمام الحكومى والإعلامى على أشده وبعدها لما بيتحول المرض فعليا إلى وباء.. هوووف..

تصبح أخباره فص ملح وداب.. سمعنا عن إنفلونزا الطيور وفى أيام قليلة أدخلت أخبارها الذعر والرعب فى القلوب والآن وبعد ما بقت مصر فى المرتبة الأولى عالميا من حيث الإصابات والوفيات لم نعد نسمع عنها أى شىء والفراخ عايشين حياتهم فى الحوارى الشعبية والقرى وفوق الأسطح فى حرية تامة كعهدهم منذ آلاف السنين طب كان لزومها إيه بأه مذبحة الفراخ اللى حصلت فى الأول دى يا جماعة؟.. كانت أخبار إنفلونزا الخنازير تتصدر الصفحات الأولى والتصريحات الحكومية والحرب القومية على الخنازير كانت فى نظر الجميع هى الحل الأول والأخير..

حتى ظهرت أول 7 حالات وكلها من الخارج ولم يلتق أى منهم بأى خنزير وجها لوجه ومع ذلك وبدون سبب معروف مازالت حملة الذبح مستمرة، ستتحول أنظار وسائل الإعلام وتتغير وجهة حملة الهستيريا بعد قليل لتجعل من الطاعون القادم من ليبيا نجم الشباك الأول والشرير الكبير بتاع الفيلم.

وسيكون هدف الحرب القادمة هو التخلص من جميع الفئران الناقلة لمرض الطاعون، ورغم أنها فكرة مغرية ومستحبة ومش هتضر بالعكس هيكون ليها أكثر من فائدة..لكن خلونا نبص للصورة الكبيرة..

التصرفات الهستيرية العشوائية اللى بتتخذ لمواجهة أى مرض أو إشاعة مرض يجب التوقف أمامها ودراستها والانتباه لأضرارها قبل فوايدها والنظر للإجراءات المتخذة فى دول العالم المتقدم وتقليدها (إشمعنى دى اللى مابنغشهاش يعنى؟)..

حتى لا نستيقظ فى يوم من الأيام على قرار بإغراق كل الأسماك ويوم آخر على قرار بإحراق كل الأبقار ومش بعيد تصحى سيادتك فى يوم من الأيام وتلاقى نفسك متعلق فى حبل مشنقة ومحكوم عليك بالإعدام شنقا حتى الموت بتهمة العطس فى مكان عام.. حلوه الظاهرة «الجديدة» بتاعة الانتباه لصحة المواطنين المصريين..و حلو جدا إننا بقينا أخيرا بنطبق شعار الوقاية خير من العلاج.. لكن أية وقاية وبأية طريقة وعلى حساب من؟

التعليقات