بدور وأفلام العبور - غادة عبد العال - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 4:07 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بدور وأفلام العبور

نشر فى : الخميس 8 أكتوبر 2009 - 10:12 ص | آخر تحديث : الخميس 8 أكتوبر 2009 - 10:12 ص

 تقابل الفتاة النشالة عامل المجارى الوسيم، تسرقه، يستعيد ما سرقته، تغنى أغنية فتغنى العصابة أغنية، تهرب من العصابة فيسمح لها بالاختفاء فى منزله، يعلن لصاحبة المنزل أنها أخته، تغنى أغنية وتغنى صاحبة المنزل أغنية، يذهب إلى الحرب ويعدها بأن يعود عند الفجر. مشهد للحرب يستغرق دقيقة ونصف الدقيقة، المجاميع تغنى أغنية وصاحبة المنزل تغنى أغنية ثم يعود البطل عند الفجر (ويمكن نديها كمان واحد أغنية فى آخر الفيلم) ثم نطلق على هذا العمل الاستعراضى الكبير «فيلما من أفلام حرب أكتوبر».. 36 سنة قضيناها بنتفرج على 8 أفلام المفروض إنها بتتكلم عن حرب أكتوبر لكن فى الحقيقة معظمها ما بيقولش أى حاجة.. أفلام رغم إنتاجها بعد سنة واحدة أو سنوات قليلة من الحرب نفسها ورغم توفر الأماكن الحقيقية للحرب والدعم المادى من الجيش والحاجة للتأكيد على انتصار يشكك فيه البعض الآن، اختارت أنها تبقى أفلام اجتماعية، قصة حب.. أغنية.. رقصة شرقية.. وفى آاااخر الفيلم دقيقتين أو تلاتة عن الحرب.. طيارتين بيتقفل باب الكباين بتاعتهم وبيجروا على الممر.. كشك خشبى بينفجر وهو علامة مميزة لكل أفلام أكتوبر..

عشرين أو خمسة وعشرين قارب بيعبروا القناة.. سلمين تلاتة من الحبال مقامين على الساتر الترابى.. وشكرا.. جيل كامل اتربى على المشهدين تلاتة دول وعلى 10 ــ 15 أغنية وطنية وأوبريتات ماحدش فاكر منها غير جملتين.. السادس من أكتوبر العاشر من رمضان الساعة 2 الضهر، وأول طلعة جوية فتحت باب الحرية.. ولذلك فمن الطبيعى إنك تشوف جيل كامل مايعرفش أى حاجة عن الحرب.. ما هو ماحدش بيقول حاجة.. هنعرف منين؟.. كنا مطالبين أيام ابتدائى نرسم «موضوع» حرب أكتوبر فى كراسة الرسم وكانت المعلومات اللى بتوصلنا عن الحرب من أبلة الفصل إنها بينا وبين الإسرائيليين.. وإحنا الحلوين وهم الوحشين، وهى دى كانت كل المعلومات اللى بتوصلنا من المدرسة وبالتالى المصدر الوحيد التانى اللى كنا بنستقى منه المعلومات عن الحرب كانت الأفلام.. وعشان كده ماكانش غريب إن المدرسة تلاقى فى وسط الموضوع المرسوم عن الحرب نجلاء فتحى مستنية محمود ياسين زى ما بنشوف فى بدور أو ماجدة بترقص مع أحمد زكى فى العمر لحظة، لأن اللى وصلنا إن هى دى إستراتيجية الحرب.. لازم واحدة حلوة عشان تنجح الحرب أو الفيلم مش هتفرق بأه.. وفى الوقت اللى الأفلام العالمية عن الحرب العالمية الثانية زى «إنقاذ الجندى ريان»

مثلا تشعرك وكأنك أحد المشاركين فى الحرب.. حاسس بكل رصاصة وكل قنبلة وشايف يعنى إيه تخطيط ويعنى إيه تنظيم ويعنى إيه معاناة وتضحية فى ميدان الحرب، إزاى نقط الضعف بيتم تلافيها وإزاى الأخطاء بيتم تصحيحها.. تتفرج على أفلام حرب أكتوبر فتحس وكأن الحرب أساسا كانت تمثيلية غير متقنة.. وفى الوقت اللى بعض القنوات الغربية بتنتج فيه أفلام وثائقية عن الحرب وتشكك فى انتصار الجيش المصرى وتعلن بعض الأقلام الغربية إن الموضوع كله كان مسرحية لتحييد سيناء.. تصمت الآلة الإعلامية المصرية كلها عن الدفاع أو الهجوم أو حتى توضيح ما حدث لجيل كامل يحتاج الآن ــ وأكثر من أى وقت آخر ــ لأن يتمسك بذكرى عظيمة ومناسبة استثنائية فى التاريخ نجح فيها المصريون بامتياز، آه فيه تحقيقات صحفية ومقالات وكتب لكن الحكمة بتقول: «قل لى وسوف أنسى.. أرنى وقد أتذكر».. فى مشهد عبقرى من مسرحية «قهوة سادة» للمخرج خالد جلال.. يجلس رجل كبير فى السن يحدث أحفاده عن الحرب التى انتصر فيها المصريون على الإسرائيليين فيعترض الأحفاد ويتهمونه بالتخريف وينبرى أحدهم قائلا: «مصر عمرها ما غلبت إسرائيل.. راجع الجدول.. إحنا ما لاعبناش غير غانا وجنوب أفريقيا وساحل العاج».. ثقافة جيل لا يرى العلم المصرى يرفرف على شاشة التلفاز ولا يسمع «والله وعملوها الرجالة ورفعوا راس مصر بلدنا» إلا بعد ماتشات المنتخب.

التعليقات