(فوتوشوب) - غادة عبد العال - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 12:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

(فوتوشوب)

نشر فى : الخميس 7 أكتوبر 2010 - 10:19 ص | آخر تحديث : الخميس 7 أكتوبر 2010 - 10:19 ص

 أعيش هذه الأيام تجربة مختلفة لم أخض مثلها من قبل، فأنا أشارك فى برنامج يضم 38 كاتبا من 34 دولة يتجمعون ويتفاعلون لمدة ثلاثة أشهر، نتحدث عن أعمالنا، عن طرق كتابتنا، وبالتأكيد عن بلادنا وثقافاتها وأحوالها، وكأى مصرى يحترم نفسه ومصريته كان علىّ أن أحرص على أن أكون مرآة لبلادى، هى مش مرآة قوى يعنى لأنى لوطبقت موضوع المرآة ده بحذافيره هاواجه أكتر من مشكلة.

هنا مثلا لازم تستنى إشارة المرور عشان تعبر الطريق فى الوقت الصحيح وهذا يعنى أن تتخلى عن عادتنا الحبيبة فى لعب البلاى ستيشن مع السيارات والمغامرة بأرواحنا فى سبيل لحظات ممتعة من الشعور بالخطر وتحدى قوانين المرور بالإضافة لقوانين الفيزياء والأحياء فى الغالب. يجب أن تتخلى أيضا عن عادة مصرية أخرى وهى البحلقة، واحدة ماشية بالشورت هنا، واحد ضارب شعره أخضر وعامل تاتو هناك، لو كان حد منهم فى مصر كان زماننا عاملناله زفة لكن إحنا فى بلاد الناس ولازم نرفع اسم بلدنا حتى فى مواجهة جيناتنا وغرائزنا الطبيعية. وتسأل نفسك طب ليه باعمل كده هنا وما باعملش كده فى بلدى؟ بس تعمل ليه ما انت عندك أوبشان إنك ما تتغيرش، فقط وقت اللزوم ترسم نفسك قدام الأجانب فقليل من «الفوتوشوب» قد لا يضر أحيانا.

نشارك أنا وزملائى فى نقاشات عدة يسألوننى فى معظم الأحيان عن وضع المرأة فى المجتمع. أخجل أن أقول إن وضع المرأة فى المجتمع وضع راقٍ ومتميز إلا فى أيام الأعياد والعطلات الرسمية والشوارع الهادئة والأتوبيسات المزدحمة والأسواق والجامعات والحفلات ومباريات كرة القدم ومدارس البنات التى يوجد بقربها مدارس بنين وإشارات المرور عندما تكون هى من تقود السيارة، ففى هذه الأوقات الاستثنائية تكون وليمة لكل عين ولبعض الأيادى وأحيانا الأرجل.

ربما من الأفضل إغفال تلك النقطة لضحد ادعاء وجود مصر على قمة قائمة الدول التى تعانى من ظاهرة التحرش الجنسى وبما أن الناس قرروا أن يتجاهلوا أسبابها واكتفوا بنفى وجودها أو لوم الضحية والتماس الأعذار للجانى، لذا فالقليل من «الفوتوشوب» قد يكون هو الحل أحيانا.

أحاور كاتب من «موريشيوس» وآخر من «جيبوتى» مشددة على حقيقة أن المواطن المصرى العادى ليست لديه أية معلومات عن بلادهما، وأتابع الحوار وأنا فخورة ببلدى ومكانتها وشهرتها فى أنحاء العالم، ولكننى أتميز غيظا من الكاتب البنغالى وهو يسأل: هى مصر دولة عربية هو انتوا مش أكراد ؟ كل الأخبار اللى من عندكو فى المنطقة دلوقتى بتتكلم عن تركيا، مش تركيا دولة عربية برضه؟ وأعض فى صوابعى من النيوزيلاندى اللى قاللى هى مصر دولة أفريقية؟ أنا متابع كتير من مشاكل أفريقيا العشرين سنة اللى فاتو ماسمعتش حد من مصر بيتكلم هو انتوا واخدين مكانكوا فى افريقيا إيجار جديد؟ وأفقد النطق والكورية بتسألنى: مش مصر دى البلد اللى بيرجموا فيها الستات، يعنى لو قلعتى حجابك يربطوكى فى شجرة ويقطعوا إيدك ومناخيرك وبعدين يرجموكى ويأكلوكى للكلاب ؟ أما الكاتب الأوزبكى فكان أكثرهم ثقافة حيث قال لى: مصر! آه طبعا مصر معروفة جدا، هو عبدالناصر عامل إيه دلوقت قضيت ساعات طوال أصحح فى معلوماتهم وأتهمهم بالتقصير وأنبههم لضرورة تقوية معلوماتهم عن مصر ومع ذلك حذرتهم من البحث فى القنوات والجرائد العالمية، آه مش عايزينهم يشوفوا لا أزمة بوتجاز ولا قطع كهرباء ولا غرق عبارة ولا احتراق قطر ولا سرقة لوحة ولا تزوير إنتخابات ولا يسمعوا عن الفاصوليا أم 20 جنيه ولا عن السرطان اللى مستوطن فى أجسامنا ومستنى الفرصة عشان يقول أنا أهه...

عايزينهم يشوفوا صورة مصر الحقيقية كما ترسمها لنا الصحف القومية ونشرة 9 التى علمتنا كل ما نعرفه عن حاضرنا الرائع ومستقبلنا الأروع، وعلمتنا أيضا أنه ليس من المهم العمل على مراجعة أنفسنا ومعرفة الخطوات الخاطئة التى أوصلتنا للوضع المزرى الذى نحن عليه الآن، حتى نصححها ونأخذ خطوة صحيحة فى الاتجاه المعاكس، ولكنها علمتنا جميعا أن الحل فى «الفوتوشوب» لنقنع أنفسنا أنها ماشية و100 فل وأربعتاشر، فكما تعلمون جميعا فالقليل من «الفوتوشوب» لا غنى عنه لاستمرار الحياة فى هدوء وروية وغفلة أحيانا.

التعليقات