النهارده.. بعد بكره.. وأول امبارح - غادة عبد العال - بوابة الشروق
الأحد 12 مايو 2024 9:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النهارده.. بعد بكره.. وأول امبارح

نشر فى : الثلاثاء 7 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 7 مايو 2013 - 8:00 ص

هناك نقط فاصلة فى حياة الشعوب، منعطفات تاريخية كما يقولون، لحظات تستخدم بعدها كعلامة للتأريخ، هناك عصر ما قبلها وعصر آخر بعدها.

 

أظنك تتفق معى أننا نعيش واحدة من تلك اللحظات حتى وإن طالت اللحظة لتصبح ما يقرب من 3 أعوام، حتى ولو شعرنا جميعا ــ من كتر النهضة اللى احنا شايفينها ــ أنها أثقل وأمر وأطول من ثلاثة قرون، لكن تظل فى عمر التاريخ لحظة لا أكثر، لحظة فارقة زى ما بيقول البعض، وبيعنيها كل فريق بشكل مختلف: البعض بيعنى إنها اللحظة اللى لازم يسيطروا فيها على كل مجريات الأمور باستخدام أدوات عظيمة زى أكياس السكر وزجاجات الزيت، والبعض الآخر بيشوفها لحظة فارقة مناسبة لفرد العضلات، وأدواتهم محاصرة أبنية حكومية، وتهديد قضاة وبناء حمامات عمومية فى الشارع وإقامة حفلات باربيكيو يأكل فيها العجول... لكن اللحظة الفارقة اللى حلم بها ملايين نزلوا للشارع أثناء الثورة تقدر تقول إنها راحت بلا رجعة، الأعلام اللى كانت مرسومة على الوجوه بفخر أصبحت ألوانها لا تعنى سوى الدم والمجهول والعودة لعصور الظلام، الأغانى الوطنية اللى كانت بترن فى الآذان والقلب والوجدان أصبحت مجرد أداة لتقليب المواجع، هتافات زى إرفع راسك فوق إنت مصرى، أصبحت مجرد إفيه مش أكتر.

 

ملايين الشباب اللى جرأوا على الحلم بغد أفضل، حديثهم المفضل اليومين دول هو عن الهجرة، قد تتخيل إنى باكلمك عن الأقباط اللى الإحساس بأنهم بيتم الترصد بيهم واستهدافهم، صحيح ما بدأش اليومين دول لكنه بينمو ويتصاعد بشكل حاد، أو عن مؤيدى وأعضاء النظام السابق اللى اتقهروا على سقوط عروشهم ومش قادرين يعيشوا فى واقع مش بتاعهم خلاص، أو عن الناس اللى شغلهم اتأثر بعد الثورة فقرروا يشوفوا رزقهم فى مكان جديد.. لكن سيرة الهجرة مابقتش السيرة المفضلة لفصيل معين أو لمجموعة بيجمعها أصل أو دين، كلمة «هجرة» بدأت تبقى مسموعة وبإصرار فى كل الطبقات أيا كانت خلفياتها الدينية والتعليمية والثقافية، مش مجرد نبرة أمل ببكره أحسن، المحزن إن ماحدش بأه بيحلم ببكره أحسن، الكل آمن إن بكره أكيد خلاص مفقود، النبرة السايدة حاليا مش حديث عن الهجرة عشان الشخص المهاجر يعيش أحسن، لكن عشان أولاده، حتى لو كان المتحدث فى أواخر العشرينات أو أوائلها، جيل كامل فقد الأمل فى بكره، وحس إنها خلاص راحت عليه، حس إنه ما يستحقش يحلم، وحتى لو حلم حلمه هيتحول لكابوس. معظم الناس إذا كانت بتحلم لنفسها بحاجة، فمش بتحلم بأكتر من حاضر أفضل شوية من اللى عايشاه دلوقت، حاضر بعيد عن الترصد والتضييق وضيق الأفق والاستهزاء بأحلام الحالمين واختلافات المختلفين والتخندق فى معسكرين، كفرة ومؤمنين، حاضر فيه حساسية ما فى المقارنة بين النهارده وامبارح لأنك فى الحالة دى بتعرض نفسك للاتهام بإنك «فلول»، أو من جماعة «إحنا آسفين يا ريس» أو «مباركى» أصيل، فماحدش بيقارن بامبارح، على الأقل فى العلن، على الأقل مش كتير... أصل امبارح ما كنش حلو قوى برضه عشان نقارن دلوقتى بيه، لكن الحنين للماضى بينتشر فى كل مكان، صفحات على الفيسبوك عن الستينيات وما أدراك ما الستينيات، والسادات وما فعله السادات، وعبد الناصر وما قاله عبدالناصر، والملكية وجمال العودة إلى الملكية وعصر الملوك.

 

 أصبحنا شعبا يائسا من حاضره، بيحن إلى ماضيه، وماعندوش أى أمل فى مستقبله، والبلد أصبحت سجنا كبيرا بيسجن أحلامنا ويخنق أرواحنا وبيدفعنا للفرار، إنه الواقع المحزن اللى بيغفل عنه أو بيتجاهله صناع القرار. مصر طول عمرها فقيرة اقتصاديا، مكبلة بالديون والأعباء، بتعانى من نقص فى مليون حاجة وحاجة، من أول ضمير حكامها، لحد المتربصين بيها، ما بيوقفهاش على رجليها فى آخر اليوم إلا البشر اللى مؤمنين بيها وعايشين فيها وبيكافحوا عشانها وقت الشدة واللزوم.

 

تفتكروا لو البشر اللى عِشقها كان ساكنهم ومستقبلها كان هو اللى شاغل قلوبهم وعقولهم كرهوها، وفقدوا الأمل فيها، ورموها ورا ضهورهم ومشوا، وبطلوا يكافحوا عشان ما تقعش فى حفرة مالهاش قرار، هل هتقوملها قومه؟، سؤال محتاج لجواب.

التعليقات